الحصار الاقتصادي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه قبل الهجرة:
لما عجزت قريش عن قتل النبي صلى الله عليه وسلم أجمعوا على منابذته ومن معه من المسلمين و من يحميه من بني هاشم وبني المطلب، فكتبوا كتاباً تعاقدوا فيه على ألا يناكحوهم و لا يبايعوهم و لا يدعوا سببا من أسباب الرزق يصل إليهم ولا يقبلوا منهم صلحاً ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلم بنو المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ليقتلوه، وعلقوا الكتاب في جوف الكعبة.
والتزم كفار قريش بهذا الكتاب ثلاث سنوات من سنة سبع من البعثة إلى السنة العاشرة من البعثة.
وحوصر بنو هاشم و بنو المطلب و من معهم من المسلمين في شعاب مكة، واشتد البلاء برسول الله صلى الله عليه وسلم و الذين آمنوا معه حتى كانوا يأكلون الخبط و ورق الشجر و كان التجار يغالون في أسعار السلع عليهم وكان الأطفال يتضاغون من الجوع، و لم تترك سلعة تصل إليهم.
وبعد ثلاث سنوات أجمع بنو قصي على نقض ما تعاهدوا عليه، فأرسل الله على صحيفتهم الأرضة فأتت على معظم ما فيها من ميثاق و عهد و لم يسلم من ذلك إلا الكلمات التي ذكر فيها اسم الله عز وجل، و لقد أخبر الله سبحانه وتعالى رسوله بذلك و أخبر الرسول عمه أبا طالب، فذهب أبو طالب و معه بعض الصحابة إلى قريش فقالوا لقريش أن يأتوا بالصحيفة و قال لهم أبو طالب إن ابن أخي أخبرني أن الله قد سلط عليها الأرضة فأتت عليها، ففتحوا الصحيفة فوجدوا الأمر كما أخبر الصادق المصدوق، فقالوا: هذا سحر ابن أخيك.
العـبـر:
- إن أعداء الإسلام دائماً ظلمة في عهودهم وعقودهم.
- مشاركة بعض المشركين للمسلمين وعدم التخلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (القرابة و صلة الرحم).
- صبر المسلمين و إيثار الدنيا على الآخرة.
- الالتزام بأوامر الله و التضحية بالمال من أجل طاعة الله ورسوله.
- عرض على رسول الله المال والجاه و لم يتخل عن دعوته.
- كان جزاء هذا الصبر والجلد وتحمل المشاق أن الله سبحانه وتعالى قد مكنهم من منابع الثروة والاستيلاء على عروش الملوك وفتح بلاد الروم وفارس.
وصدق الله إذ يقول: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}.
من كتاب"الأزمات الاقتصادية "مواقف من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم"
للأستاذ الدكتور حسين شحاتة - الأستاذ بكلية التجارة - جامعة الأزهر