إن أولى خطوات مساعدة الطفل لأسرته يمكن أن تبدأ من عمر السادسة، وذلك بأن يتعلم كيف يرتب فراشه وكتبه وألعابه ويغسل الطبق الذي يتناول فيه طعامه، ونحو ذلك.. ولا داعي أبداً للسخرية والاستهزاء بالمقارنة بين عمل الذكور والإناث، إذ إن بعض الانتقادات التي تميز بين عمل البنت والولد تدفع بالصبي إلى الكسل، والابتعاد عن بعض الأعمال التي تحتاجها أسرته، إضافة إلى أن هذه الانتقادات تترك في نفوس الأطفال أثراً سلبياً لما تحمله من نظرة سخرية وتمييز خاطئ بين البنت والولد.
وتختلف الأعمال التي يستطيع الطفل القيام بها بحسب عمره وبنيته، فالطفل الذي يبلغ الثالثة من عمره يستطيع أن يناول أمه ملابس أخيه الرضيع عندما تقوم بتغيير ملابسه، أو أن يضع المناديل على الطاولة، كذلك يمكنه بعد انتهاء اللعب إعادة ألعابه إلى مكانها المخصص لها، دون أن يعني ذلك إجبار الطفل على ترتيب أشيائه بمفرده، مما قد يفوق طاقته، ولأن قلبه الصغير لا يملك الصبر اللازم لأداء هذه العملية، بل يتم ذلك بمساعدة أحد الأبوين أو أي فرد آخر من الأسرة، والطفل الذي يبلغ العاشرة من العمر يستطيع القيام بترتيب غرفته أو بعض غرف المنزل بمعاونة الأم أو الأب، وهو عمل يمكن أن ينتهي في أقل من ساعة واحدة، كذلك الابن عندما يخطو نحو سن الشباب عليه أن يساعد الأم أيضاً، وذلك باقتناء كل طلباتها واحتياجاتها من السوق فضلاً عن معاونة والده في بعض شؤون الأسرة.
بعض الآباء يشككون في قدرة أطفالهم على مساعدتهم، كونهم بالكاد يستطيعون أداء واجباتهم بمفردهم، فكيف يمكن أن يتحملوا بعض المسؤوليات؟!
إن مثل هذه المزاعم تبتعد عن الحقيقة، لأننا إذا عوّدنا الطفل على تحمل المسؤولية في إدارة بعض الأعمال المنزلية البسيطة، ودربناه على أداء واجباته بنفسه، فسيتعوّد بالتأكيد على حفظ دروسه وأداء واجباته المدرسية أيضاً بنفسه؛ فإسناد بعض الأعمال غير المجهدة إليه يغرس في أعماقه الإحساس بالمسئولية ويعزز من ثقته بقدراته الذاتية، لذلك يقترح بعض الأطباء أن تبدأ مراحل تحمل المسؤولية بشكلها البسيط بعد سن الثالثة من العمر بالتشجيع وليس بالإرهاب والقهر.
ويجب أن يشترك كل فرد في الأسرة في تحمل نصيبه من الأعمال المنزلية , كل حسب قدرته, وسنه؛ ولنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة حيث كان يخيط ثوبه ويصلح نعله ويكون في مهنة أهله أي يساعدهم.
إن تنمية المسؤولية لدى أفراد الأسرة, وتشجيعهم على المساهمة في أداء بعض الأعمال المنزلية بشكل جيد وسليم, ومشاركة ربة المنزل في تحمل بعض الأعباء عنها كل ذلك يؤدي إلى توفير جزء كبير من جهدها ووقتها, مما يتيح لها بعض الراحة الجسمية والنفسية, ويمكِّنها من أداء بعض الأنشطة المختلفة التي يمكن أن تعود بالسعادة عليها وعلى أفراد أسرتها.
ويمكن تلخيص أهمية المشاركة في الأعمال المنزلية فيما يلي:-
- شعور ربة المنزل بتقدير أفراد أسرتها لما تبذله من جهد في سبيل راحتهم.
- شعور أفراد الأسرة بالمسئولية وحب النظام والتعود على إنجاز أعمالهم بدقة وسرعة.
- اشتراك الأفراد مع بعضهم فيما يوكل إليهم من أعمال يؤدي إلى خلق روح التعاون والشعور بالتقدير المتبادل , وتنمية مشاعر الحب والترابط الأسري.
- ضمان سهولة ونجاح العمل وعدم تراكمه, وإنجازه في أقل وقت وجهد.
- تهيئة الفرصة للأفراد للتصرف في المواقف المختلفة, وبذلك يكتسبون الخبرات والمهارات لحياة مستقبلية ناجحة.
- ضمان المحافظة الدائمة على نظافة المنزل وترتيبه نظرًا لجهود جميع أفراد الأسرة.
- التقليل من المشاكل العائلية.
- رفع مستوى معيشة الأسرة عن طريق الاستفادة من قدرات ومهارات أفرادها, فمساهمتهم بجهدهم ووقتهم ومهارتهم ومعلوماتهم في تأدية بعض الأعمال المنزلية, تجعل الأسرة تستغني مثلا عن المزارع أو السائق أو غيرهم من العمالة الزائدة في المنزل, مما يعمل على زيادة الدخل غير المنظور لها.
- يجب على ربة المنزل أن تساعد أبناءها على تحمل المسؤولية في سن مبكرة وتكسبهم عادة تأدية أعمالهم بأنفسهم, وأن تخطط للاستفادة من معاونة أفراد أسرتها وتحسن توزيع الأعمال بينهم.