تحديات تشكيل الوعي الثقافي للطفل العربي
أ / ماجد جميل عبد الرازق (مستشار برامج الأطفال بوزارة الإعلام)
ما أحوجنا الآن لتشكيل الوعي الثقافي للطفل العربي في كافة أنحاء الوطن العربي .. فكلنا نعلم أن لكل بلد عربي تقاليده وتاريخه وعاداته التي يتميز بها والنابغة من جذوره التاريخية، والطفل ينشأ متشبعا بهذه التقاليد والعادات التي ورثها عن أهله وأجداده .
وطفل اليوم غير طفل الأمس . . طفل اليوم يتعلم الكمبيوتر ويتراسل مع أصدقائه في الدول الأخرى عن طريق الإنترنت والتليفون المحمول وفي لحظة تكون الرسالة وصلت رغم آلاف الميال .
ومهمتنا الآن أن نشجع الطفل العربي على التوعية الثقافية والعلمية في شتي المراحل السنية .
وقد شجعت وزارة التربية والتعليم بجمهورية مصر العربية على تملك كل طالب جهاز كمبيوتر بثمن رمزي بسيط لكي يزيد معلوماته ويتساوى مع كل أطفال العالم المتمدين .
والآن ونحن في خضم الاتهامات والإهانات التي توجه للعرب من قبل الأجانب بعد أحداث 11 سبتمبر، يجب أن نركز على تشكيل الوعي الثقافي والتربوي للطفل العربي في كافة أنحاء الوطن العربي .
وهذا يبدأ أولا من المنزل والأسرة لأن الأسرة هي المنشأ الأساسي للطفل منذ ولادته،
ولا بد أن تتوافر في الأسرة الرعاية الكاملة منذ نشأة الطفل من حيث مراعاة صحته في الأكل والشرب . .
- التطعيمات ضد الأمراض الخطيرة كشلل الأطفال والسل والحصبة والجدري وغيرها من الأمراض مع مراعاة النظافة في كل ما يتعلق بطعام الطفل وملابسه وأدواته .
- كذلك السلوك التربوي لدي الطفل منذ سنته الأولى التي بدأ فيها الكلام فيجب أن نسمعه الكلام المهذب لأنه سيكرر هذا الكلام ويختزن عنده في المخزون اللغوي لديه .
- مراعاة ما يقدم للطفل من أغنيات في التليفزيون من حيث الألفاظ وأسلوب الإخراج لأننا نشاهد هذه الأيام بعض الأغنيات الغير لائقة التي تقدم للطفل فيحفظها ويرددها وما بها من رقص وأسلوب غير تربوي وتكرر عدة مرات في اليوم مما يزيد من انتشارها .
- كذلك إشباع الطفل بالحب والحنان لتكون نفسيته سوية قابلة لحب من حوله بعيدة عن العنف والجريمة وبالحب تستطيع الأسرة غرس القيم النبيلة والعادات السليمة لدي الطفل .. مثال ( sos عام 1980 . قرية الأطفال ) .
- ويجب أن لا تستهين الأسرة والمجتمع بقدرات الطفل الصغير علي التعلم فنحن نشاهد في الخارج أطفال في سن المرحلة الابتدائية وأصبحوا مخترعين واهتمت بهم الأوساط العلمية لأن الطفل وهو صغير يمكن أن نشكله كيفما نريد .. فالمثل يقول : التعليم في الصغر كالنقش على الحجر والتعليم في الكبر كالنقش على الماء .
تقسيم المراحل السنية للأطفال :
1 – مرحلة ما قبل المدرسة ( الحضانة ) .
2 – مرحلة الدراسة .
3 – مرحلة الطلائع .
أولا : مرحلة ما قبل الدراسة ( الحضانة ) :
تبدأ هذه المرحلة من سن 3 إلى 5 سنوات ويتسم أطفال هذه المرحلة بالواقعية والخيال المحدود فيفرح الأطفال بمجسمات العرائس أمثال ميكي ماوس والعروسة باربي، وتويتي وغيرها وللأسف هذه العرائس أجنبية وللآن لم نتوصل إلى عمل نموذج لعرائس عربية يحبها الأطفال من داخل وطننا العربي .
كذلك تحب هذه المرحلة السنية مشاهدة أفلام الرسوم المتحركة وعالم الحيوان والطيور المختلفة والأسماك وغيرها من الكائنات. وقد لمست ذلك من خلال تقديمي لبرامج الأطفال في التليفزيون فوجدت أن العبد من الأطفال يحبون مشاهدة هذه البرامج .
ويجب ألا ننسي دور الحدوتة . . لأن لها موروث ثقافي نابع من تاريخ الشعوب لذلك فهي لها دور كبير في التأثير على ثقافة الطفل وما يكتسبه من خبرات فيجب أن تكون الحدوتة نابغة من تراثنا الشعبي والعربي حتى لا يتوه الطفل وسط حواديت الأطفال فلكل بلد عربي تراثه الزاخر من المورثات الشعبية التي يمكن الاعتماد عليها في سرد حواديت الأطفال .
وعندما ينتقل الطفل إلى الحضانة يجب على المسئولين مراعاة صحة الطفل والسلوك التربوي والحب والحنان للأطفال جميعا .. ويضاف إلى ذلك الأعمال الفنية المناسبة التي يؤديها مشرفات الحضانة بالاشتراك مع الأطفال التي تنمي فيهم الإبداع والقدرة على الابتكار والتشكيل والتذوق الفني مع مراعاة الأدوات التي تنفذ بها هذه الأعمال حتى تكون آمنة على الطفل مثل الورق الملون والكرتون وألوان الشمع و " الفوماستر والألوان المائية والصلصال ويترك الطفل ليعبر بحرية عن أفكاره وما يبتكره من أعمال فنية وأشغال يدوية مع التوجيه الملائم من مشرفات الحضانة .
كما يجب على المسئولين بالحضانة مراعاة الآتي :
1 – التربية الدينية للأطفال وتعليمهم الصلاة وأركان الإسلام وتكون تحت إشراف متخصص ديني.
2 – الألعاب الرياضية التي تناسب هذه المرحلة السنية وتفيد صحتهم ونموهم وتكون تحت إشراف متخصص رياضي.
3 – الاهتمام بالمواهب الصغيرة من حيث الدين والرياضة والتمثيل والعزف والغناء وتشجيهم.
4 – الاحتفال بأعياد ميلاد الأطفال ومشاركتهم بعضهم البعض يكون له الأثر الكبير في تعويدهم العمل الجماعي والتعاون والمشاركة الوجدانية.
5 – الرحلات الترفيهية إلى حديقة الحيوان والملاهي ومعالم البلد الذي يعيش فيه الطفل والأماكن الأثرية المشهورة ليعرف الطفل آثار بلده وتاريخها.
6 – مراعاة النظافة في فصول الحضانة ودورات المياه فيجب أن تكون نظيفة تماما وتحت إشراف مسئولين لتعويد الطفل على النظافة من صغره حتى يتخلص بما أصبح سمة من سمات الحاضر من فقدان النظافة في كافة الشوارع والأماكن العامة.
- فلنبدأ بالحضانة حتى يتعود طفل اليوم وهو رجل الغد على المعيشة في بيئة نظيفة صحية جميلة.
ثانيا : مرحلة الدراسة :
وتبدأ هذه المرحلة من سن 6 سنوات إلى 8 سنوات وتعبر هذه المرحلة عن الخيال المطلق والمغامرات لذلك نجد أن أطفال هذه المرحلة يحبون مشاهدة مسلسلات الأفلام التي تتميز بالمغامرة مثل أفلام طرزان . . بات مان . . سوبر مان .. القط مشمش TC وغيرها من الأفلام الأجنبية وللأسف لا توجد مسلسلات عربية أو أفلام مشوقة تظهر بطولات وشجاعة العرب غير فيلم واحد وهو فيلم الناصر صلاح الدين .
- أين الأفلام التي تظهر عظماء الإسلام والصحابة والحروب التي اجتازوها وانتصروا فيها على الفرس والرومان .
- أين الأفلام التي تظهر عظماء كل دولة عربية وما أدوه من أعمال تخلدهم مدى التاريخ، فكل دولة عربية لها أبطالها في حقبة من الزمن فيجب إظهار هؤلاء الأبطال في أفلام عربية مترجمة لكل بعلم العالم علماء العرب الأوائل الذين أخذ عنهم الغرب أمثال ابن سينا والفارابي وابن تيمية وابن حزم وقد ظهر لبعضهم مسلسلات تليفزيونية وأفلام لكن غير موجهة للأطفال .
- وقد ظهرت بعض البشائر لظهور رسوم متحركة عربية في بعض القنوات العربية مثل ( بكار ) وقصص بعض الأنبياء منفذة بالصلصال في تلفزيون جمهورية مصر العربية وتبذل بعض المحاولات في البلاد العربية الشقيقة .
- ونتمنى أن تدعم حكومات الدول العربية هذه المحاولات ونشجعها حتى يتخلص الطفل العربي من تأثير الرسوم المتحركة وما تبثه من ثقافة أجنبية مختلفة عن عاداتنا وتقاليدنا العربية حتى لا نفقد الهوية العربية ضمن ما ينادون به من العولمة وطمس الثقافات العربية .
ثالثا : مرحلة الطلائع :
وتبدأ هذه المرحلة من سن 9 سنوات حتى 12 سنة وفيها يكتسب الطفل تحمل المسئولية والميل إلى الأعمال التي تظهر فيها المنافسة كالشجاعة وحب المغامرة والمواهب المختلفة في الرياضة والتمثيل والموسيقى والغناء والأعمال الفنية من رسم ونحت وتشكيلات فنية.
هذه المرحلة مهمة جدا لأنها تعتبر مرحلة المراهقة وبداية الشباب فلا بد أن نتعامل مع هذه المرحلة بكل الحذر . وأذكر حديث عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام يقول فيه عن تربية الأطفال .. لاعبهم سبع . . وأدبهم سبع . . وصاحبهم سبع .
فيجب الاهتمام الكبير بالرياضة وعمل بطولات مدرسية للمتفوقين رياضيا وتشجيعهم بالجوائز وقد حدثنا الإسلام عن الاهتمام بالرياضة في قول سيدنا عمر بن الخطاب ( علموا أولادكم الرماية والسبحة وركوب الخيل ) فيجب أن نغرس في أطفالنا الوعي الثقافي في كيفية التفوق على أعدائنا من حثهم على قراءاتهم في المكتبات المنتشرة في بلادنا عن تاريخ عظماتنا وأبطالنا .
- كذلك اختبار دارسين على مستوى عالي من العلم والثقافة والتربية وعمل اختبارات لهم لأنهم العامل الهام والمؤثر في ثقافة الطفل وحبه للمعرفة، وكم من طفل فشل في بعض المواد الدراسية نتيجة لسوء إمكانيات المدرس العلمية والتربوية، وكم من طفل تفوق في علومه وأصبح من علمائنا المشهورين نتيجة تأثره بأساتذته الذين كانوا السبب في تفوقه .
- أيضا برامج الأطفال بالتلفزيون والإذاعة والبعد عن البرامج السطحية ولاهتمام بالبرامج الدينية والتربوية والتاريخية والفنية وتشجيع المواهب .
- عمل مسابقات للأطفال بجوائز قيمة عن أمجادنا من المجاهدين العرب والمشاهير من علمائنا بالخارج والداخل أمثال د / أحمد زويل، و أ / نجيب محفوظ، د / مجدي يعقوب ورمزي يس وغيرهم .
- كذلك يجب الاهتمام الكبير بالأبحاث العلمية وأحدث ما وصل إليه العلم وتقديمه للجيل الجديد في مدارسنا ومعاهدنا العليا حتى لا نتأخر عن ركب التطور العلمي المذهل الذي يسير بسرعة فائقة وهو ما تقدم به الغرب علينا، فيجب الأخذ بالأسباب العلمية في التربية والعلم وتخصيص الميزانية اللازمة مهما تكلفت لأنها ستعود على الوطن وأبنائه لرفع مستوى التقدم والنهوض ولا يظل العرب في نهاية الركب العلمي وهم في الأساس أصحاب أول الحضارات التي نادت بالعلم وأخذ عنه الغرب علومه وتقدمه.
- وبذلك يتم تشكيل الوعي الثقافي للطفل العربي في كافة أنحاء الوطن العربي.
- وندعو الله أن يكون قريبا