بعد التعرف إلى شخصية المريضة، ينتقل الطبيب إلى إجراء الفحص الطبي عليها مستكملا بذلك تكوين الفكرة الأولية عن الأسباب الآيلة إلى عمقها . ويشمل الفحص الطبي العام فحص الجسم وكمية الشعر وأمكنة تجمعه فوق العانة وتحت الإبطين لأن أي تبدل في تجمعات الشعر وكميته يجب أن يسترعي اهتمامه .
كذلك يتأكد الطبيب من درجة السمنة عند المرأة لأن السمنة الزائدة تدل على توقف أو كسل الغدد ذات الإفراز الداخلي وكذلك عمل المبيضين وإفرازهما ونشاطهما .
بعد قيام الطبيب بفحص دقيق لجميع أعضاء الجسم الداخلية ينتقل إلى فحص الأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية ويولي ذلك كل اهتمامه . فالشفران يعطيان صورة واضحة عن حالة الجهاز التناسلي بكامله عند المرأة، كما أن البظر الضخم والطويل عند المرأة دليل على وجود حالة ما بين الجنسين تستوجب إجراء فحوص وراثية من أجل تحديد نهائي للانتماء الجنسي .
ثم يفحص الطبيب جوف المهبل بواسطة منظار معدني، وينظر في عنق الرحم ليتأكد من خلوه من التقرحات والدمامل والتمزقات والتشويهات التكوينية وما إذا كان عنق الرحم رفيعا وطويلا وضيقا، حتى إذا كان كذلك دل على نضوج في الرحم .
بعد ذلك يباشر الطبيب بفحص الرحم والبوقين والمبيضين بواسطة قفاز معقم يلبسه بيده، ويتحرى وجود أورام أو أكياس أو تشوهات داخلية . والمعلوم أن جميع هذه الفحوص المذكورة غير مؤلمة وغير موجعة خاصة إذا أجراها الطبيب بكل لطف وروية وتأن . وفي نهاية هذا الفحص يأمر الطبيب بإجراء بعض الفحوص المخبرية التي يراها لازمة وضرورية لهذه الحالة من العقم .
وهكذا، خطوة فخطوة، وشهرا فشهرا، يتوصل الطبيب الأخصائي، بواسطة ما تجمع لديه من معطيات ونتائج مخبرية، إلى كشف سبب العقم وضعف الخصوبة لدى المرأة ويبدأ بمعالجته بطريقة صائبة وصحيحة .
1 ـ تشخيص ضعف الخصوبة عن انقطاع التبويض
أ ـ طريقة مخطط الحرارة :
يفيد المخطط الحراري في تشخيص العقم الناجم عن عدم إفراز المبيض نهائيا للبويضات أو إفرازه بويضات فاسدة وغير صالحة للتلقيح وذلك بعدما تبين أن حرارة المرأة قابلة للتغير خلال الدورة الشهرية بحيث إنها تكون دون الـ 37 درجة مئوية خلال النصف الأول من الدورة الشهرية وترتفع عن هذا المعدل في النصف الثاني من الدورة .
ويعزو البعض هذا الارتفاع في حرارة الجسد بعد الإباضة إلى حدوث تفاعلات بيوكيماوية تؤثر بدورها على المركز الحراري في دماغ المرأة. وقد أثبتت الأبحاث أنه في حالة انقطاع التبويض تبقى السيدة تسجل حرارة منتظمة لا تتعدى الـ 36.5 درجة مئوية طوال دورتها الشهرية .
ب ـ اختبار الإباضة في المنزل :
هي طريقة حديثة جدا، يمكن للسيدة بواسطتها قياس هورمونات الإباضة في البول قبيل حدوثها، وهي أسهل عمليا من الطريقة السابقة لكنها مكلفة .
ج ـ فحص وتشريح بطانة الرحم :
للحكم، بدقة، على نشاط المبيضين وعملهما، بواسطة تشريح بطانة الرحم الداخلية ، يوصي بالحصول على خلايا من الغشاء الداخلي للرحم من أجل تشريحها وفحصها وذلك بواسطة الشفط بأنبوب رحمي رفيع جدا أو بواسطة القحط، على أن يتم ذلك في مختبر الأنسجة وليس في مختبر عادي . وبناء على نتيجة التشريح يمكن أن يتحدد بالتأكيد إذا كان الرحم مستعدا بواسطة ما يطرأ عليه من تغييرات، لاستقبال البويضة الملقحة وتعشيشها . . وبواسطة هذا الفحص يمكن اكتشاف سائر الأمراض التي تصيب الرحم، مثل الدمامل والالتهابات المزمنة والسل ومرض خلايا الرحم . . الخ .
د ـ فحص النطف المنوية في المادة الزلالية في عنق الرحم :
من أهم العلامات والأعراض التي تدل على نضوج البويضة وانطلاقها من المبيض، والظواهر الحسية التي ترافق زمن الإباضة ظهور مادة مخاطية نقية صافية تشبه زلال البيض من عنق الرحم والمهبل قبيل انطلاق البويضة بيومين أو ثلاثة أيام، أي في منتصف الدورة الشهرية .
هذا السيلان النقي هو إفراز طبيعي يظهر تأثير هورمونات المبيض، كما أنه دليل فريد على نضج البويضة وبدء أيام الخصب، وبذلك يمكن للطبيب أن يحدد، بدقة، زمن الإباضة وذلك حسب رؤيته لهذه المادة من عنق الرحم وحسب توسع فوهة عنق الرحم وامتلائه بهذه المادة الرائقة، كما يمكن فحص النطف المنوية في هذه المادة بعد إجراء الجماع بعدة ساعات فإذا كانت نشطة ومتحركة دل ذلك على أن السائل المنوي سليم وفعال وكذلك المادة الزلالية .
وقد بينت الإحصاءات أن ربع حالات العقم عند المرأة ناتج عن اختفاء الخلايا المنوية في هذه المادة مما يدل على أن المني لم يتسن له العبور إلى الرحم إما بسبب ارتفاع حموضة المهبل، أو بسبب وجود مناعة ذاتية عند المرأة ضد النطف المنوية وحساسية قاتلة بين السائل المنوي والمادة الزلالية، تفتك بالخلايا المنوية .
هـ ـ قياس الهورمونات الأنثوية:
للهورمونات الأنثوية أثر كبير على قابلية الإخصاب والإنجاب عند المرأة وهناك نوعان منها : الإستروجين والبروجيستيرون . إضافة إلى هذين النوعين هناك هورمونات الغدة النخامية التي لها تأثير هام ومباشر على عملية الإباضة عند المرأة والتي لا يمكن أن تتم إلا بتأثير هذين الهورمونين ( L.H. ) ( F.S.H ) .
في أوقات معينة من الدورة الشهرية للمراة، يمكن قياس هورمونات المبيض والغدد الأخرى التي لها علاقة بالتناسل، كالغدة الدرقية والغدة النخامية والغدة الكظرية، وذلك لمعرفة كفاءة المبيض ومقارنة هذا القياس بالقياسيات الطبيعية .
2 ـ تشخيص العقم الناجم عن انسداد النفيرين
يشكل انسداد النفيرين ـ أو الأنبوبين ـ أهم أسباب العقم عند المرأة لأنهما الطريقان الوحيدان اللذان يصلان الرحم بالمبيضين، والبويضة النازلة من المبيض لا بد أن تعبرهما لتصل إلى جوف الرحم، . فإذا اتفق وكانا مسدودين بسبب التهابات أو أورام . . . الخ، امتنعت البويضة عن المرور وأصبح الحمل أمرا مستحيلا .