ويرى البعض أن هناك ارتباطا وثيقا بين عمالة الأطفال وبين انخفاض المستوى التكنولوجي في القطاعين الزراعي والصناعي ، فضلا عن انخفاض أجور الأطفال وكفاءتهم في أداء بعض الأعمال، مثل جنى القطن، والأعمال المساعدة في الورش الصناعية.
ومما لاشك فيه أن هذه الطائفة من العوامل، لا تسهم بالفعل في إيجاد البيئة الاجتماعية والاقتصادية الميسرة ، لظهور ولدعم ظاهرة عمالة الأطفال. إلا أن هذه العوامل في مجملها لا تعدو أن تكون عوامل جذب، ولا يصح بالتالي اعتبارها عوامل أساسية أو منتجة في إحداث الظاهرة. وهي لا تفسر لنا السبب الذي يدعو هذه الأسر بالذات لإلحاق أطفالها بالعمل في سن مبكرة.
ومن وجهة النظر العملية، نرى ضرورة التمييز بين العوامل التي ترتبط بالظاهرة وتسهم في إحداثها، والعوامل الأخرى التي تحيط بالظاهرة فتخلق مناخا ميسراً أو مناسبا لتفاعل العوامل المسببة للظاهرة.
ومما تقدم تبين: أن الأسباب المنتجة في الظاهرة والمؤدية لإحداثها، إما عوامل تعليمية أو عوامل ذات طابع اقتصادي . وتظهر النتائج أن أكثر الأسباب تأثيرا في الظاهرة هي الأسباب المتصلة بالجانب التعليمي ، وعلى وجه التحديد الفشل في التعليم، ويليه الرغبة في تعليم صنعة كبديل للتعليم.
ويجدر التنويه إلى أن أفراد العينة الذين ذكروا أحد السببين أو جمعا بينهما ( دون إضافة أسباب أخرى ) قد بلغت نسبتهم (50.8%) من مجموع العينة ، ويلي هذين السببين في الأهمية الحاجة لمساعدة الأهل في المصروفات (39.9 %) وهي مع ذلك تمثل نسبة عالية من إجمالي العينة ويعقب هذا السبب الرغبة في حصول الطفل على مال ينفقه على متطلباته الشخصية (33%) وقد تبين أن مجموع أفراد العينة الذين ذكروا عوامل اقتصادية بحتة؛ أي أشاروا إلى أحد السببين السابقين أو جمعا بينهما دون إضافة أسباب أخر) بلغ (36.7%) من إجمالي العينة ، وذكر (6.7%) من العينة أسباباً أخرى مثل أفضل من اللعب في الشارع، أو عدم الرغبة في الجلوس في البيت، أو بسبب وفاة أحد الوالدين ، أو الرغبة في التجهيز للزواج ( بالنسبة للفتيات ) لأن الأهل أرادوا ذلك، وباستطلاع آراء أمهات الأطفال عن الأسباب التي أدت إلى تسرب الأطفال مين التعليم وانخراطهم في سوق العمل، أفادت الأمهات أن العامل الأول هو الفشل في التعليم، ويليه الحاجة لمساعدة الأسرة ، وكان لاختلاف الأسباب التي أبداها كل من الذكور والإناث دلالة.