أولاً: تحديد أبعاد المشكلة وحجمها:

يمكن أن نقول إن طفلاً لديه مشكلة التبول اللإرادي إذا وصل إلى سن الرابعة أو الرابعة والنصف ولم يستطع بعد أن يفرغ مثانته في الوقت الذي يريد وفي المكان المخصص لذلك. وأكثر مظاهر هذه المشكلة شيوعًا وانتشار هي أن يبلل الطفل فراشه ليلاً وهو نائم. وعادة ما يقسم الباحثون هذه المشكلة طبقًا لعدة زوايا كوسيلة للوصف الذي يساعد على الفهم، ومن ثم يعين على المواجهة. وهي تقسيمات ليست دقيقة، بل إنها متداخلة. ونسوقه هنا للقارئ لأنها تحمل تسميات ومصطلحات مختلفة، وعلينا أن نعرف دلالة هذه المصطلحات، حتى لا يحدث نوع من الخلط أو اللبس عند قراءة بعض الأدبيات الخاصة بهذا الموضوع.

فالتبول اللاإرادي قد يكون على شكل متقطع أو يكون على شكل متصل، أما النوع االأول أو المتقطع فهو الحال الذي نجح فيها الطفل أن ينقطع عن التبول فيها على نفسه ليلاً لفترة من الزمن تصل إلى ثلاثة أشهر مثلاً، ثم عاد مرة أخرى إلى تبليل فراشه، وأما النوع الثاني فهو النوع المتصل، والذي لم ينقطع فيه الطفل عن التبول في فراشه ليلاً منذ مولده، وهم الأكثرية بين الأطفال الذين يعانون من مشكلة التبول اللاإرادي.

وقد يطلق على نفس التقسيم السابق تسميات أخرى، فيطلق مصطلح التبول اللاإرادي الثانوي على النوع الأول، والذي نجح فيه الطفل أن يتوقف عن التبول ليلاً قبل أن يعاود التبول مرة أخرى (النوع المنقطع)، وقد يطلق مصطلح التبول اللإرادي الأولي على النوع الآخر الذي لم يستطع الطفل فيه أن يضبط تبوله منذ مولده وظل معه بلا توقف (النوع المتصل).

كما أن التبول اللاإرادي عندما يذكر ينصرف الذهن عادة إلى تبليل الفراش ليلاً أثناء النوم؛ لأن هذا السلوك هو الأكثر شيوعًا وسيادة، بمعنى أن كثيرًا من الأطفال الذين يبللون فراشهم ليلاً يتحكمون في إفراغ المثانة في النهار أثناء اليقظة، المشكلة لا تظهر لديهم إلا في الليل أثناء النوم فقط، ولكن هناك أطفال آخرون يفشلون في التحكم في عملية التبول أثناء اليقظة بالنهار، كما يفشلون في ضبط التبول ليلاً كذلك، والتبول اللاإرادي مشكلة منتشرة بين الأطفال؛ حيث تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 25% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الرابعة والسادسة عشرة يعانون منها في فترة ما من حياتهم، وتستمر مع بعضهم إلى نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة؛ حيث يعاني 5% تقريبًا من الأطفال بين سن العاشرة والثانية عشرة من هذه المشكلة، بل إن المراهقين ومن هم في سن الشباب المبكر يعاني بعضهم من هذه المشكلة، وهذا البعض يقارب نسبة 2% من المجموع العام، وتسبب لهم حرجًا شديدًا، خاصة ممن سيقبل منهم على الزواج، والتبول اللاإرادي مشكلة تنتشر بين الذكور بدرجة أكبر مما هي عند الإناث.

وفي حالات ليست قليلة لا تظهر مشكلة التبول اللاإرادي عند الطفل وحدها، ولكن يكون لها مصاحبات أو مشكلات أخرى مرتبطة بها، فبعض الأطفال يعاني من مشكلة التهتهة أو بعض مشكلات النطق والكلام بجانب التبول اللاإرادي، وبعضهم يعاني من إتيان حركات عصبية لا إرادية، وبعضهم يعاني من مشكلات في النوم، وقد يعاني الطفل المتبول لا إراديًا على نفسه من أعراض سيكولوجية، تبدو أنها مرتبطة بالتبول اللاإرادي أو مترتبة عليه، مثل الشعور بالنقص، ونقص الشعور بالأمن والطمأنينة والخجل والانطواء، وقد يلجأ الطفل في سلوك هجومي كرد فعل على الإهانات التي يتعرض لها من جراء المشكلة الأصلية لديه، فيظهر في سلوكه العناد والتخريب والميل إلى الانتقام ونوبات الغضب الشديدة.

أي أن الأطفال المتبولين لا إراديًا قد يكونون من النمط الهجومي الذي يوجه عدوانيته إلى البيئة المحيطة به أفرادًا وأشياءً أو من النمط الانسحابي المنطوي الذي يوجه عدوانيته إلى ذاته، فيميل إلى الخجل والإحساس بالإثم والخزي، وفي كثير من الحالات تختفي هذه الأعراض والسلوكيات غير السوية إذا ما توفر للطفل علاج كفء لمشكلته، واستطاع أن يتحكم في ضبط عملية التبول.

ثانيًا: أسباب المشكلة وعواملها:

مثل كثير من المشكلات السلوكية ترتبط مشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال ببعض الأسباب والعوامل الجسمية ذات الطابع العضوي وبعض الأسباب أو العوامل النفسية ذات الطابع الانفعالي والاجتماعي. وبصرف النظر عمن يتحمس للعوامل الجسمية أو من يتحمس للعوامل النفسية فإن المجموعتين من العوامل قد تجتمعان في حالة واحدة.

وعلى أي حال فإن الإحصاءات من واقع سجلات الممارسين لعلاج هذه المشكلة تشير إلى غلبة العوامل النفسية وبروزها كعوامل مرتبطة بالمشكلة.

والمتبع عادة في مواجهة مشكلة التبول اللاإرادي وهو فحص الطفل جسميًا لتبين ما إذا كانت هناك عوامل جسمية تقف وراء المشكلة أولاً. وإذا وجدت مثل هذه المشكلات فإنها تعالج أولاً. وإن كان هذا العلاج الجسمي لا ينفي ضرورة توافر خدمة نفسية تأهيلية إرشادية أو علاجية؛ لان علاج جوانب القصور الجسمي لا يترتب عليه تلقائيًا اختفاء التبول، بل إن الأمر في معظم الحالات يحتاج بعد العلاج الجسمي إلى نوع من الخدمات النفسية؛ حتى يتغير مفهوم الطفل عن ذاته، وحتى يستطيع اكتساب العادات الجديدة، وحتى يعتاد أن يتوافق مع نفسه ومع بيئته بالوضعية الجديدة، وهي أمور كما نرى تحتاج إلى خدمات نفسية متخصصة، أما إذا كانت نتيجة الفحص الطبي سالبة، بمعنى عدم وجود أعراض جسمية تقف وراء المشكلة فإن رعاية الطفل الشاملة تكون في إطار الخدمات النفسية كامله. فما عساها أن تكون العوامل الجسمية المسببة أو المرتبطة بمشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال؟

أ- العوامل الجسمية:

  1. عدم سلامة الجهاز البولي، كوجود التهابات في حوض الكلية أو في المثانة أو في الحالب، أو وجود حصوات في أي منها، أو وجود التهاب في مجرى البول.
  2.  مرض السكري الذي ينتج عنه كثرة التبول، وكذلك زيادة درجة الخصوصية في البول.
  3.  حالة الصلب المفلوج Spinalifida وهي عدم التحام العمود الفقري في أجزائه السفلى، وهي عيب نمائي ينتج عن إخفاق القناة الفقارية في الإغلاق حول الحبل الشوكي بطريقة سوية.
  4.  مشكلات الهضم والإمساك ووجود الديدان المعوية، كالبلهارسيا والإنكلستوما.
  5.  ومن العوامل المساعدة على حدوث التبول اللاإرادي كثرة تناول الأطعمة الحريفة أو شديدة الملوحة أو غيرها من الأطعمة التي تدفع الطفل إلى أن يشرب كميات كبيرة من المياه، خاصة إذا كانت في آخر النهار أو في وجبة العشاء.
  6.  وفي حالة الطفل الذي لم يتحكم مطلقًا في إفراغ مثانته منذ مولده، فتشير الحالة إلى أن السبب الرئيسي هنا هو عدم النضج بالمعنى الفيزيولوجي، أي عدم نضج الجهاز البولي؛ حتى يستطيع أن يقوم بوظيفته في السيطرة على المثانة والتحكم في عملية إخراج البول وتشير بعض الدلائل إلى أن هذه الحال قد تكون وراثية. وكلما قلن في بداية هذه الفقرة، فإنه من غير النادر أن تجمع العوامل ذات الطبيعة العضوية مع العوامل ذات الطبيعة الانفعالية والاجتماعية ويتكاملا وينتجا الظاهرة – موضوع الدراسة- فما هي أهم العوامل النفسية المرتبطة بالتبول اللاإرادي عند الأطفال؟

ب- العوامل النفسية:
أما أهم العوامل النفسية فتتمثل في:

  1.   الخوف: هو العامل الحاسم في نشأة ونمو التبول اللاإرادي، شأنه في ذلك شأن التهتهة؛ حيث إن الشعور بالتهديد واحتمالية العقاب أو تعرض الطفل للأذى والخطر يجعله يفشل في التحكم في إخراج البول. كما يمكن للخوف أن يمتزج مع انفعالات أخرى أكثر تعقيدًا، كالغيرة التي تتضمن الخوف والقلق والشعور بالنقص والشعور بالتهديد وفقدان السند.
  2.  المناخ الوجداني غير السوي في الأسرة: قد يكون عاملاً مشجعًا على ظهور المشكلة، فالصراعات العائلية العلنية أو الخلقية بين الزوجين ومحاولة إدعاء التوافق والقوة من كل طرف والرغبة في السيطرة على الطرف الآخر وضم الأبناء إلى جانبه في خضم هذا الصراع يجعل الطفل بخير حالة من الحيرة الشديدة والبلبلة لأنه يكون أمام خيارين: "أن يختار جانب الوالد أو جانب الوالدة، وهو يعرف أن اختيار أحد الجانبين يفقده الجانب الآخر؛ مما يشعره بالتوزع والاضطراب لمواجهة موقف، ويجد الطفل أن المصادر التي يفترض أن توفر له الإشباع العاطفي – ممثله في الوالدين – هي مصدر الحيرة والتشوش والقلق؛ مما يستجيب له بالتبول اللاإرادي، والذي يعكس قلة حيلة الطفل وعجزه أمام هذا الموقف شديدة الوطأة على حياته الوجدانية.
  3.  قد يتخذ الطفل من قبل الأسرة ككبش فداء تنفس فيه الأسرة ومن خلاله عن إحباطاتها: وتروح تقيم توازنها على أساس أن يتحمل هذا الطفل كل أخطاء وتجاوزات أفراد الأسرة جميعًا، وما دام هناك الطرف الذي يشار إليه ويحدد باعتباره أساس كل المشكلات والشرور في الأسرة، فإن أفراد الأسرة الآخرين يشعرون نهم أخيار وطيبون، مثل هذا الطفل الذي لا يجد مفرًا في استدخال المفاهيم المرتبطة بهذا الوضع، من دونية ومفهوم سالب عن ذاته؛ مما يجعله عرضه لأن يستجيب بالتبول اللاإرادي للمواقف الإحباطية التي لا تنتهي داخل الأسرة.
  4.   العلاقة بين الطفل وأمه: هي أول وأهم علاقة في حياته، وتمثل النموذج الأَّولي لعلاقاته فيما بعد مع الآخرين. ويفترض أن تكون هذه العلاقة مشبعة، توفر للطفل الحنان والعطف والرعاية بشكل مستمر وغير مشروط، وهي الحبل السري الذي يقدم له الحب الضروري لنموه الانفعالي والاجتماعي على نحو سليم، وينبغي أن تكون هذه العلاقة أيضًا متوازنة، بمعنى أن تعلم الأم طفلها كيف يعتمد على نفسه بالتدريج؛ ليفسح به المجال لتكوين هوية مستقلة. فالروابط بين الأم والطفل لا ينبغي أن تقيد تحرر الطفل، ولكنها تعطيه ما يحتاجه من حب ورعاية، وهو ما لا يحدث دائمًا؛ حيث تكون بعض الأمهات ضعيفات – بحكم عوامل خاصة بهن – أما أبنائهن؛ حيث يرتبطن بالطفل ارتباطًا شديدًا يمنع الطفل من التحرر والاستقلال. فإذا ما واجه بعض المواقف التي يحتاج أن يتصرف فيها بمفرده أو في المواقف التي يفتقد فيها الأم، فإنه يستجيب بها بعدم القدرة على التحكم في مثانته.
  5.  هناك بعض المواقف الخاصة أو التوعية التي تحدث في إطار الأسرة وتجعل الطفل عرضه للفشل في التحكم في المثانة، وضبط عملية التبول، خاصة في الليل، مثل الطفل الأول في الأسرة التي يكون له مركزه المتميز في الأسرة إلى أن يولد أخ له، فيجد أن اهتمام الأم قد تحول فجأة إلى هذا الوافد الجديد، قد يستجيب بالتبول وتبليل فراشه، كذلك سفر أحد أعضاء الأسرة أو غيابه لفترة ممن يكون الطفل متعلقًا بهم، وذلك على نحو فجائي.

ثالثًا: ألوقاية من المشكلة وعلاجها:

وينقسم الحديث تحت هذا العنوان إلى قسمين، أحدهما للحد من نشوء المشكلة والمتمثل في الوقاية، والآخر ويتناول ما علين عمله مع الطفل الذي تعدى الرابعة، ولم يتحكم في تبوله بعد والمتمثل في العلاج.

أ‌-    الوقاية:
أما عن إجراءات الوقاية التي تتبع، عندما ندرب الأطفال الصغار في السن المبكرة قبل الرابعة، وعلى الأخص في العامين الأولين، فإن الآباء لا بد أن يتذكروا أن هناك فروقًا فردية في الوقت الذي ينجح فيه الطفل في ضبط مثانته؛ لأن هذه القدرة ترتبط بعدد من العوامل تختص بقوة الجهاز البولي، وبعض الحالات الجسمية الأخرى، وليس من الضروري أن ينجح الأبناء كلهم في الأسرة الواحدة في تعلم هذا السلوك في وقت واحد، وهذه بعض القواعد التي يجب أن يضعها الآباء في اعتبارهم عند تدريب أبنائهم على ضبط التبول:

  1.  على الآباء عند بداية عملية التدريب أن يتحلوا ببعض الحزم مع اللبن والعطف، فلا ينبغي أن يتساهلوا كيرًا؛ حتى تصل الرسالة واضحة للطفل، بأن تعلم هذه المهارة أمر هام وواجب. كما لا ينبغي أن يتصفوا بالشدة أو التوتر والعصبية والتبرم، خاصة من جانب الأم التي تتولى هذا التدريب، بل عليها أن تتحلى بالصبر والتفهم، حتى ولو باءت المحاولات الأولى بالفشل.
  2.  على الآباء أن يمتنعوا عن عقاب الطفل عند فشل المحاولات الأولى؛ لأننا قد نعاقبه على أمر لم يتهيأ له بعد، كما يجب أن يمتنع الآباء عن السخرية من الطفل أو التهكم عليه، ولومه وتقريعه أو التشهير به عند الآخرين من الأقارب؛ لأنه لم ينجح بعد في التحكم في مثانته.
  3.   قلنا إن هناك فروقًا فردية في الوقت الذي ينضج فيه الجهاز البولي، وعلى الأم أن تعرف أنه ليس من الضروري أن يتعلم أطفالها هذه العملية في وقت واحد، وعليها أن تعرف أن محاولة تدريب الطفل على أية مهارة قبل الوصول إلى سن النضج التي تسمح بتعلم هذه المهارة أمر لا يفيد، بل إنه قد يضر ويؤخر تعلم المهارة، وعليها أن تعرف أيضًا أن أسلوب العقاب أو أساليب اللوم والتقريع والسخرية من شأنها أن تقلل ثقة الطفل بنفسه، وتجعله يكون مفهومًا سالبًا عن ذاته، وتجعله في حالة توتر وقلق مستمرة تمنعه من أن يتعلم العادات الصحية.

ب- العلاج:
أما عن الطفل الذي يستمر في التبول بعد سن الرابعة، بعد المحاولات الأولية لتدريبه على ضبط المثانة في السنوات السابقة، فإن لديه مشكلة حقيقية فيما يتعلق بمهارة ضبط التبول، وفيما يلي بعض التوجهات الإرشادية والعلاجية نضعها أمام آباء هؤلاء الأطفال، حتى يساعدوا أبناءهم على التغلب على هذه المشكلة:

  1.   أن يعرض الطفل للفحص الطبي الجسمي الشامل؛ للتأكد من سلامة جهاز البولي وخلوه من الأمراض والحالات الصحية التي ترتبط بهذا السلوك. وإذا وجدت مثل هذه الحالات، فينبغي أن يقدم لها العلاج، علمًا بأنه إذا سار العلاج الجسمي (البيوكيمائي) في طريقه الصحيح، فإنه لا يترتب عليه في معظم الحالات اختفاء المشكلة، بل إنا لطفل سيظل يتبول على نفسه أيضًا؛ لأن هذا السلوك أصبح عادة، كما أن حالة الطفل النفسية ومفهومه عن ذاته وحالات القلق والتوتر والشعور بالدونية، والنقص التي خبرها لن تمكنه من التخلص من السلوك القديم وتبني أساليب السلوك الجديدة بسرعة، ولذا فإن الطفل يحتاج في هذه الحالة إلى عمليات تأهيل أو إرشاد نفسي، تعيد له الثقة في نفسه، وتهيئه لتعلم العادات الجديدة.
  2.  أن يتأكد الآباء أنهم يسلكون في ظل بعض الاتجاهات الوالدية الخاطئة السائدة ومنها الاقتناع بأن حالة التبول اللاإرادي لها أسبابها العضوية فقط، وعليه فإنهم يتصرفون على هذا الأساس، ويهملون الجانب النفسي تمامًا أو العكس؛ ومن ثم يتصرف الآباء وهم غافلون تمامًا أن المشكلة قد يكون لها أسبابها وعواملها الجسمية، أو أن يعلن الآباء أن الطفل لديه نفس المشكلة التي عند أحد أقاربه، لذا فالمشكلة قدر وراثي لا يستطيع أحد دفعه، ويترتب على ذلك أن يستسلم الجميع للمشكلة، ولا يفعلون شيئًا، ومن الاتجاهات الوالدية الخاطئة ما سبق أن أشرنا إليه من عقاب الطفل بدنيًا وتوبيخه ولومه؛ مما يؤثر تأثيرًا سالبًا على الطفل، ويعوق تعلمه الصحيح. ومن الاتجاهات الوالدية الخاطئة أيضًا أن يتصرف الآباء كما لو كان المشكلة هي مشكلتهم الشخصية، ومن ثم فإنهم لا يحاولون إشعار الطفل بالمسئولية إزاء المشكلة، وبذلك يستكين الطفل ولا يبذل المجهود الكافي لمساعدة الآخرين؛ حتى يساعدوه في التخلص من مشكلته.
  3.  أن يواجه الآباء المشكلة بأسلوب هادئ وواقعي مشبع بالثقة في التغلب على المشكلة، وسوف ينتقل هذا الاتجاه التفاؤلي إلى الطفل بشرط الجدية والعزم على فعل ما يجب أن يفعل؛ حتى تتلخص من المشكلة. وعلى الآباء أن يلتزموا برنامجًا أوليًا وبسيطًا يساعد الطفل في مواجهة المشكلة، يتمثل في أن يتناول الطفل عشاءه مبكرًا، وأن يمتنع عن شرب الماء أو أية سوائل قبل النوم بساعتين، وأن يوقظوه بعد أن ينام بساعة أو بساعتين، حسب ملاحظة الوالدين للوقت الذي يتبول فيه الطفل، وأن يفرغ مثانته، وألا يشرب ماء قبل أن يعود إلى فراشه، وقد يتم إيقاظه مرة أخرى بعد ساعة أو ساعتين مرة ثانية؛ حتى يتأكد الآباء من أن مثانته فارغة؛ لأنها لا تكون بالقدرة الكافية على الاحتفاظ بالسوائل فيها، وأن يتجنبوا تقديم أطعمة حريفة أو مالحة للطفل؛ مما يدفعه إلى شرب الماء الكثير، وأن يكلف الآباء الابن أن يتحمل هو مسئولية تغيير ملاءات الفراش إذا ما ابتل وأن يتولى عمليات تنظيف سريره، وأن يتم ذلك بدون توبيخ، ولكن في إطار مشكلة عليه أن يبذل كل جهده للتخلص منها، وأنه سوف ينجح في المحاولات القادمة إذا ما كان لديه الرغبة والتصميم على ذلك، وعلى الآباء ألا يلوموا الطفل إذا ما عاد إلى التبول بعد النجاح لفترة، فلا يتوقع أن يتم التخلص من المشكلة مرة واحدة.
  4.  أن يلجأ الآباء إلى تدريب الطفل على الاحتفاظ بالبول في المثانة، وذلك بأن يشرب كمية كبيرة من الماء أثناء النهار، وبعد فترة يذهب إلى الحمام، ويخرج جزءًا قليلاً من البول، ثم يتوقف، ثم يخرج جزءًا آخر، ثم يتوقف، وينتظر لفترة، ثم يعود إلى تدريب عضلاته القابضة على التحكم الإرادي في إخراج البول أو حبسه، وهي تمارين أثبتت في الواقع فاعليتها الكبيرة.
  5.  من الأساليب التي أثبتت فاعليتها أيضًا لوحة النجوم، وهي جدول أسبوعي يضع الطفل فيه بنفسه نجمة أمام اليوم الذي لا يتبول في الليلة السابقة فيه، ويمكن استبدال هذه النجوم بعد ذلك بأشياء، يجب أن يقتنيها، أو رحلات يجب أن يقوم بها، أو أية مكافآت يرغب في الحصول عليها.
  6.   يستدم البعض طريقة الجرس والوسادة Bell and Pad Method وهي وسيلة تساعد على إيقاظ الطفل، وتتضمن استخدام جهاز يتكون من وسادة رقيقة توضع تحت الطفل تغلق فيها دائرة كهربائية، ويرن جرس إذا ما ابتلت، فيستيقظ الطفل، ويكمل تبوله في الحمام، وبتكرار استخدامها يقلع الطفل تدريجيًا عن التبول في الفراش. ويذكر كثير من المعالجين فاعلية هذه الطريقة مع بعض الأطفال.

وهناك حالة الطفل الذي يتبول أثناء اليقظة في النهار، وغالبًا ما تحدث هذه الحالة والطفل مندمج اندماجًا كبيرًا إما في اللعب أو في المناقشة أو الشجار مع الآخرين، وتحدث أثناء مواقف الإثارة الشديدة، وهي حالات تشير إلى ضعف الجهاز البولي؛ بحيث إن تركيز الطفل انتباهه على شيء آخر يجعل هذا الجهاز يفشل في أداء وظائفه. وقد يقف وراء هذه الحالة أسباب، كالواردة في حالة التبول الليلي، مثل الغيرة والخوف، ونقص الشعور بالأمن. كما تحدث هذه الحالة أيضًا مع الأطفال الذين يذهبون إلى روضة الأطفال، وينفصلون عن أمهاتهم لأول مرة، أو إذا تحرج الطفل أن يستأذن من المعلمة في أن يذهب إلى الحمام، وهي كلها حالات يمكن مواجهتها إذا ما فهمنا دواعيها، وأن يتم إشعار الطفل بضرورة تحمل مسئولية هذا السلوك، وبأنه لكي يستمتع باللعب مع رفاقه عليه أن ينتبه إلى نفسه وإلى ضرورة إفراغ مثانته قبل اللعب مثلاً.. ولكن يظل الأساس هو أن تصل الرسالة واضحة للطفل بأن هذا السلوك غير مرغوب فيه، وأنه ليس آثمًا أو مخطئًا، ولكن عليه أن يتعاون مع الآباء والمعالج، وأن ينتقل إليه الشعور بالنجاح في التخلص من المشكلة.

المصدر:

  • مجلة خطوة العدد 16 يونيو 2002
  • أ. د. علاء الدين كفافي - أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي - معهد الدراسات التربوية- جامعة القاهرة
  • Currently 300/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
99 تصويتات / 4934 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,170,004

تعالَ إلى بيوتنا على فيسبوك