إن الحديث عن أزمة الطفل من حيث الإنجاز في مقابل الشعور بالنقص له صلة كبيرة ، فسواء في الفصل أو في ساحة الرياضة أو في نادي الحي أو في أي مجال آخر، يتعرض فيه الأطفال لنوع من التقدير سواء كان ذلك بشكل صريح أو بشكل مضمر . ولما كان هذا هو الوقت الذي يستطيع فيه الطفل أن يقدر بشكل واقعي ما يتمتع به من قدرات وأن يكون فكرة عن نواحي قوته ونواحي ضعفه في مختلف مجالات الأداء لذلك فإن خبرات النجاح لديه يكون لها أعظم تأثير من حيث إكسابه اتجاه الإنجاز . ومن هنا كان من الأهمية بمكان كبير أن يمنح الطفل كل الفرص الممكنة التي يجد فيها نفسه ناجحا في أي مجال من المجالات . ولما كان الأطفال في هذه المرحلة يختلفون بشكل واضح عن بعضهم البعض سواء من حيث الذكاء أو القدرات أو الأساليب المعرفية أو الإبداع كما سبق أن رأينا لذلك كان من الطبيعي أن تتنوع المواقف التعليمية التي يتعرض لها الأطفال في هذه المرحلة إذا كان لنا أن نسمح لأكبر عدد ممكن منهم أن يجد فرصا مواتية له للنجاح والتفوق .

إن فن التدريس يقع في القدرة على عرض المشكلات بالقدر من التعقيد الذي تصبح معه ذات معنى بالنسبة للطفل مع بقائها على بعد خطوة واحدة من قدرته الحالية . بهذه الطريقة يصبح التعليم عملية جذابة تغري فيها المشكلات ذاتها الطفل على بذل الجهد في سبيل الحل . ولا شك في أن ذلك يوضح إلى أي مدى تصبح الحاجة هنا ماسة إلى حساب الفروق بين الأطفال فبعض الأطفال يعمل ببطء في حين يعمل البعض الآخر عن طريق طفرات إبداعية، وبعض الأطفال يحتاج إلى توجيهات مطولة للإبقاء على نشاطهم في حين يعمل البعض الآخر بشكل أحسن إذا ما ترك وشأنه ليستخدم رسائله الخاصة . بعض الأطفال يظل في المشكلة الواحدة حتى يحلها تماما قبل أن يبدأ في غيرها في حين قد يفضل البعض الآخر أن ينتقل بسرعة من مشكلة إلى أخرى في سعيه إلى حل المشكلات ابتداء من تلك التي لا تستعصي عليه أولا وهكذا ـ وفي النهاية فإنهم جميعا ينجزون وهم جميعا يحصلون على نفس الشعور ولكن ماذا يحدث إذا لم ننتبه إلى هذه الفروق ؟ هناك حالات لمشاهير المبدعين الذين لم يكن لهم أي حظ من التفوق في التحصيل المدرسي . فقد أخبر والد " شارلز دارون " أن ابنه لن يصل إلى شيء يذكر لأنه فاشل في دراسته . وكان " ألبرت أينشتين " متخلفا في مادة الحساب في مرحلة الدراسة الابتدائية . ولعل ذلك يؤكد لنا أهمية إيجاد الفرص أمام الطفل في هذه المرحلة للشعور بالإنجاز والبهجة في أي مجال يجد فيه الطفل نفسه كفئا، إن ذلك يجب أن يكون هدفا هاما من أهداف المدرسة الابتدائية .

حقا إن وضع المناهج على أساس من الفروق الفردية يعتبر شيئا مكلفا وقد يحتج المسئولون بأن ميزانية التعليم لا قبل لها به . ولكننا نقول " إن مثل هذه المدارس سوف توفر على الدولة الكثير من النقود إذ أن قوة الشرطة الآن مثلا تصرف الكثير من وقتها في تصحيح ما فشلت فيه التربية إن الحكومات سوف تكون في وضع أحسن إذا ما كان المواطنون الذين ينتخبون الحكام أكثر حكمة وأكثر تحملا للمسئولية كذلك سوف تحصل الأعمال والصناعات على عمالة أكثر مهارة . إن الحياة سوف تصبح أحسن بالنسبة للجميع، وسوف يتحمل أناس أرقى ثقافيا مسئولية مستقبل العالم بشكل أكبر وهذا يعني عالما أفضل لبلايين من الناس الذين لم يولدوا بعد، والذين سوف يكونون في أشد حالات التعاسة إذا بقيت التربية على ما هي عليه اليوم .

  • Currently 255/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
86 تصويتات / 1923 مشاهدة
نشرت فى 26 يونيو 2007 بواسطة byotna

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,838,586

تعالَ إلى بيوتنا على فيسبوك