هناك أسباب كثيرة ومتشابكة تؤدي إلى السمنة سواء وراثية أو بيئية، أو تربوية أو اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية أو ثقافية أو مرضية، إضافة إلى زيادة ضغوط المجتمع، لكن بصفة عامة يمكننا أن نقول إن السمنة أصبحت مرضًا ناتجًا عن أسلوب الحياة ذاته ولذلك هي مرض العصر.

وسنحصر فيما يلي أهم أسباب السمنة:

1- عادات التغذية السيئة:

إن أهم أسباب حدوث السمنة الطريقة السيئة في التغذية، وبالنظر إلى هذه النقطة فنحن نحتاج إلى المساعدة والإرشاد، فعاداتنا الشرقية في الأكل سيئة جدًا للأسف، كما أن مطبخنا الشرقي ونوعية طعامنا غالبًا ما تكون غنية بالدسم والسكريات، بالإضافة إلى طرق التحضير التي تهدر وتخرب الكثير من الفيتامينات داخل الطعام، وقليل من السيدات يقدمن لأسرهن كمية محدودة وفق نظام غذائي جيد ومدروس من الطعام الصحي الضروري في الوجبات الثلاثة، بحيث يأخذ كل فرد من أسرتهن حاجته من البروتين والسكريات والدسم والفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لبناء أجسامهم بشكل طبيعي.

هذا بالإضافة إلى انتشار ما يسمى بالوجبات السريعة (Junk-Food) الغنية بالسعرات الحرارية، والتي أدت إلى انتشار السمنة والأمراض المصاحبة لها في أجزاء كثيرة من العالم لم تكن تظهر فيها من قبل. ولو أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا فإنها السبب الأول والأهم، وهو السبب الأوحد في 90% من حالات السمنة، وبشكل خاص في الأطفال والشباب، فما تقدمه الشركات المنتجة لها من إغراءات ودعاية مكثفة وهدايا للأطفال مصاحبة للوجبات جعلها تنتشر وبشكل سريع وتداخل مع إيقاع حياتنا السريع أيضًا، لدرجة أن بعضهم يأخذ أولاده أو أحفاده إلى مطاعم الوجبات السريعة بشكل منتظم للتعبير عن محبته لهم.

وعن هذا الموضوع أنتج الفيلم الوثائقي "Super Size Me"، ويحاول الكاتب والمخرج مورجان سبورلوك في هذا الفيلم أن يشرح السبب وراء سمنة الأمريكيين، فيدخل في تجربة فريدة لمدة ثلاثين يومًا, حيث يقتصر أكله على الأطعمة الموجودة في الماكدونلدز كمثال على مطاعم الوجبات السريعة, وأثناء الفيلم يحاول أن يسجل التأثير الجسدي والعاطفي لأكل المأكولات السريعة.

لمشاهدة الفيلم

http://video.google.com/videoplay?docid=-1432315846377280008


http://www.youtube.com/watch?v=X51L8eHaYTU&feature=related 

بالإضافة لما سبق هناك الكثيرون منا ليس لهم نظام غذائي محدد ولا أوقات معينة لتناول وجبات الطعام، حتى إن بعضهم ليس له عدد محدد من الوجبات في اليوم.

2- قلة الحركة:

قلة الحركة.. الكسل .. الخمول .. المكوث طويلا أمام التلفاز.. هي السبب الثاني في إصابتك بالسمنة، فمن المعروف أن السمنة نادرة الحدوث في الأشخاص الدائبي الحركة أو الذين تتطلب أعمالهم النشاط المستمر، ومع تطور الحياة وزيادة الرفاهية التكنولوجية أصبحت حركة الفرد في المجتمع اليوم قليلة جدًّا مقارنة بالفرد في الماضي؛ فالتنقل من مكان لمكان بالسيارات، والعمل أصبح جلوسًا أمام الحاسبات أو خلف مكتب في أغلب الأحيان، وفي البيت هناك التلفاز ينتظرك لتكمل جلوسك حتى النوم لتعود من جديد إلى نفس الدائرة في كل صباح.

أكثر من 65% من حالات السمنة، تعود لقلة الحركة، وهذا يفسر سر انتشار السمنة بشكل ملحوظ في المجتمعات ذات المستوى الاجتماعى والاقتصادي المرتفع، حيث يكثر استعمال السيارات والمصاعد الكهربائية في التحرك، ويكثر استعمال الغسالات، والمكانس، والأدوات الكهربائية داخل المنازل.. كل هذا حدَّ من نشاط وحركة الإنسان، لتكون النتيجة انتشار السمنة، وزيادة الوزن.

إن النشاط والحركة لهما فائدة كبيرة في تحسين صحة الإنسان بصفة عامة، ويمكن أن نوجز النشاط والحركة بكلمة واحدة هي «الرياضة»؛ فقد أشارت الدراسات أن للرياضة دورًا فعالا في تخفيض نسبة الدهون وجليكوز الدم، كما أن لها دورًا في نشاط الأنسولين واستقبال أنسجة الجسم له.

ولكن الاعتماد على الرياضة في إنقاص الوزن لا يكفي؛ حيث إن الدراسات التي أجريت في هذا المجال جاءت متضاربة لدرجة أنه لا يمكن أن نوصى للبدين بالرياضة كأساس لتخفيض وزنه، ولكن يمكنها أن تكون عاملًا مساعدًا وخاصة لتخفيف الترهلات من جسم البدين الذي أنقص وزنه، ومثالنا على ذلك لو أنك مارست السباحة أو الجري لمدة ساعة كاملة دون توقف فإنك ستصرف حوالي 170 سُعرًا حراريًا، فإذا توقفت بعدها وشربت كوبًا من الكولا وقطعة صغيرة من الشوكولاتة فإنها ستعطيك 500 سعرًا حراريًا.

وهذا ما أكدته دراسة أجرتها جامعة هارفارد مؤخرًا؛ حيث وجد أن التمرينات الرياضية لا تكفي وحدها لمواجهة أخطار الوفاة المتزايدة التي تنتج عن البدانة المفرطة، وأكدت الدراسة أن زيادة الوزن الممزوجة بقلة الحركة تتسب في ثلث حالات الوفاة المبكرة التي تحدث بين النساء، واعتبر البحث أن قيام السيدات بمجهود لثلاث ساعات ونصف في الأسبوع كاف لكي يعتبرن نشيطات بدنيًا، وأكد الخبراء أن زيادة معدلات البدانة وقلة النشاط البدني تعني زيادة مخاطر الوفاة المبكرة.

كما أن السيدات البدينات اللاتي أجرين تمرينات رياضية لثلاث ساعات ونصف على الأقل زادت مخاطر الوفاة لديهن بأكثر من 91 % بينما عند السيدات البدينات اللاتي لا يمارسن أي نوع من النشاط البدني زادت نسبة مخاطر الوفاة المبكرة إلى 142 %.

وفي النهاية أكد الأطباء أن مفتاح الحياة الطويلة الصحية بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء هو الإبقاء على الوزن منخفضًا والقيام بنشاط بدني بشكل منتظم.

3 - أسباب وراثية وعرقية:

رغم أن الدراسات الوراثية تؤكد أن الجينات هي المسئولة عن شكل الجسم وتوزيع الدهون في مناطق معينة إلا أنه لا تزال أهم أسباب السمنة هي العوامل الاجتماعية والسلوكية، ولكننا نستطيع أن نقول أيضًا إن العوامل الوراثية تلعب دورًا في بعض حالات السمنة، وبخاصة السمنة المفرطة فنرى كثيرًا أن البدانة تمتد في بعض العائلات وتورثُ كغيرها من صفات البشر، لكن العلماء حتى الآن لم يؤكدوا هل تحدث البدانة بوراثتها جينيًا من خلال الصِّبغيات الوارثية Chromosomes أم وراثتها سلوكيًا ومعرفيًا من خلال تعلم أساليب الأكل والتعامل معه.

ولكن اكتشف العلماء المورث المسئول وتم تحديده، وتبين أن عيوبَ هذا المورث قد يتحملُ مسئوليةَ بعض حالات البدانة.

وبصفة عامة تكمن العيوب الوراثية في نقص بعض الإنزيمات اللازمة لعمليات الاستقلاب - وهو مجموع التحولات الكيمياوية والفيزيائية التي تمر بها المادة في الخلية الحية وتقدم للكائن الحي مايحتاج إليه من طاقة - مما يترتب عليه تكوين مزيد من الدهون في الجسد، إلا أن كل ذلك لم يكن مفيدًا في فهم أسباب البدانة في معظم الحالات.

وتتميز حالات السمنة الوراثية بكبر أبعاد الجسد بصورة عامة، مع استدارة الرأس وضخامة الكفين والقدمين، كما أن عددَ الخلايا الدهنية في الجسد وكذلك طريقةُ تعامل الجسد مع الطاقة كلها عوامل تُحَدّدُ بشكل حيوي وراثي إلى حد كبير.

ويمكن أن تدخل أيضا الأسباب العرقية حيث أثبت العديد من العلماء والباحثين أن بعض الشعوب تتسم بالبدانة أكثر من غيرها، كما أن توزيع الدهون بها يختلف أيضًا، فمثلا لدى نساء منطقة البحر الأبيض المتوسط دهون في منطقة الوسط أكثر من مثيلاتها في أوروبا الشمالية، كما أن السود والأسبان بأمريكا الشمالية أكثر عرضة للبدانة من الأمريكان البيض، ويرجع السبب في هذا الاختلاف غالبًا إلى أسباب ثقافية ووراثية واقتصادية واجتماعية.

أيضًا لنوع الجنس تأثير على حدوث السمنة، فجميع الإحصائيات تشير إلى أن النساء أكثر عرضة وقابلية للسمنة من الرجال.

4- أسباب طبية:

تعتبر هذه العوامل أقل نسبة في أسباب البدانة، كما أن اكتشافها بسيط وعلاجها عن طريق الأدوية المناسبة يأتي بثماره سريعًا، أغلب الأمراض المسببة للبدانة تتعلق بعدم توازن هرمونات الجسم. فمثلا القصور في الغدة الدرقية يؤدي إلى البدانة، كما أن زيادة إفراز الغدة الكظرية (فوق الكلية) تؤدي إلى زيادة تراكم الدهون في الجسم، كما أن بعض الأدوية أيضًا تتسبب في زيادة الوزن منها مضادات الكآبة والمهدئات.

5- أسباب نفسية:

مما لا شك فيه أن للتوتر النفسي والحالة النفسية السيئة بشكل عام تأثير كبير على شهية الإنسان إما بفقدانها وإما بالعكس، فالجانب النفسي لا يمكن إغفاله في مثل هذا المرض حيث إن كثير من حالات السمنة تنتج من التوتر النفسي حيث يلجأ كثير من الناس في التخلص من التوتر العصبي - الذي يصيبنا كثيرًا في حياتنا اليومية- باللجوء إلى الطعام كحل سهل وسريع لتفريغ شحنة الحزن أو الغضب وربما حتى الملل داخلهم، فمثلا يلجأ الطالب إلى الطعام للهرب من الخوف قبيل فترة الامتحانات، وهناك أشخاص يعانون من مشاكل عاطفية يلجئون للهرب منها بالأكل، أو أثناء استغراقهم في التفكير لكن بصفة عامة يمكننا القول أنه هرب من شيء إلى شيء آخر بالأكل. ووجد أن كثيرًا من البدناء يعانون من الشره العصبي (البوليميا).

الشره العصبي Bulimia:

يأتي مصطلح الشره العصبي (البوليميا) Bulimia من كلمة يونانية وهي تعنى جوع الثور، والشره العصبي يعد اضطرابًا مختلفًا عن فقدان الشهية العصبي وقد يكون أكثر شيوعًا كما أكدت الدراسات، كما أنه ينتشر أكثر بين النساء.

وهذا المرض عبارة عن اضطراب يتعلق بالأكل حيث يتناول المريض الطعام بشكل متكرر وبكميات كبيرة في وقت قصير بما يشبه «نوبة الأكل»، ويتبع نوبة الأكل والشراب حالة من المزاج المكتئب وتقليل من قيمة الذات، وفي حالات كثيرة تحدث محاولات لإنقاص الوزن باتباع نظام غذائي أو بالتقيؤ أو باستخدام المسهلات.

إن لمرض الشره العصبي كثيرًا من الآثار السيئة على صحة المريض به، ومنها أن الإنسان المصاب به يعاني من الخمول وضعف التركيز، والشكوى من آلام المعدة واتساعها بشكل كبير، بالإضافة إلى حدوث تآكل لطبقة المينا المغلفة للأسنان بسبب القيء المتكرر لما يحمله هذا القيء من أحماض المعدة، كما أن النساء يعانين من الرغبة الشديدة في النوم، والشعور بالتعب والإعياء من أقل مجهود، واضطراب الحيض (كأن يحدث الطمث مرتين في الشهر)، وكثير منهن يشكو من الصداع ومتاعب القولون.

إعداد: إيمان بدوي  

  • Currently 385/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
130 تصويتات / 5613 مشاهدة
نشرت فى 14 إبريل 2008 بواسطة byotna

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,839,935

تعالَ إلى بيوتنا على فيسبوك