إنه الفراق الأول بين الطفل وأمه؛ فهو يواجه مجهول والخوف من المجهول يرعب البشر؛ فما بالنا بطفل صغير ليس له من الدنيا إلا صدر أمه، فالطفل يحمل هم التعامل مع الغرباء المتمثلون في معلمته وزملائه الذين ليسوا أفضل منه حالاً، ومن هنا يأتي سبب ذعر الأطفال وصراخهم في أول يوم لهم في الحضانة (رياض الأطفال) .من جهة أخري فالطفل قبل سن الرابعة لا يدرك الإحساس بالوقت أو الزمن فغياب أمه عنه واختفائها عن ناظريه معناه غيابها الأبدي عنه وهو أمر مرعب بالنسبة له .
الخبراء يؤكدون لكل أم أن هذا الأمر غير مقلق بل هي أزمة عابرة سرعان ما تنتهي خلال الأسبوع الأول للدراسة بعد أن يألف طفلك وجوه معلمته وزملائه الجدد.
يسعد الطفل في سن الرابعة بالذهاب إلى الحضانة، إذا كان ذا نزعة استقلالية، فهو لا يحتاج إلى أي تشجيع، ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الطفل في سن الثالثة إذا كان مرهف الحس ولازال متعلقاً بأمه، فهو قد لا يبدأ في الصراخ في اللحظة التي تنصرف فيها عنه أمه في اليوم الأول من ذهابه إلى الحضانة إلا أنه قد يفتقدها بعد برهة وجيزة، وعندما يتبين له أنها انصرفت عنه يتملكه الرعب ويرفض العودة إلى الحضانة في اليوم التالي، وينبغي في حالة طفل كهذا تدريبه على الذهاب إلى الحضانة بصورة تدريجية، كأن يسمح للأم بأن تبقى إلى جانبه لبعض الوقت في الأيام الأولى على أن تعود إلى المنزل عندما تجده مندمجاً مع رفاقه في اللعب واللهو فتنسحب دون أن يشعر، على أن تقل فترة وجودهما معه يوماً بعد يوم، وهكذا، يتولد لديه شعور بالألفة نحو الحضانة والأطفال الآخرين، وفي بعض الحالات قد تعود للطفل مخاوفه عندما تكف أمه عن ملازمته، وفي مثل هذه الحالات يعود إلى المدرسة أمر تقرير ما إذا كان ينبغي للأم العودة إلى ملازمته لبضعه أيام أخرى أم لا.
ويؤكد الاختصاصيون أنه عندما تلازم الأم طفلها في الحضانة لا يجب أن تلتصق به، بل تحاول أن تفسح له المجال كي يشارك الآخرين في نشاطهم ويندمج معهم بحيث لا يعود بحاجة إلى وجودها على مقربة منه، ففي بعض الحالات قد يفوق قلق الأم قلق الطفل نفسه عندما تنصرف عنه في الأيام الأولى، فإذا ظهرت عليها أمارات القلق عند انصرافها فإن ذلك يثير مخاوف الطفل فيحاول منعها من الانصراف، الأمهات مرهفات الحس إلى هذا الحد، من الأفضل أن يطلبن من المدرسة أن تساعدهن على حسن التصرف عند الانصراف.
أما إذا كان الطفل يمتنع عن الالتحاق بدار للحضانة تتمتع بجميع المزايا المطلوبة، فإنه ينبغي للأبوين أن يكونا حازمين وأن يفهما طفلهما أن جميع الأطفال يذهبون إلى الحضانة كل يوم، فالحزم يؤدي إلى تحقيق النتيجة المطلوبة مع مرور الزمن، ويستحسن أن يوم الأب بمرافقة الطفل إلى المدرسة في الصباح لفترة بضعة أيام، أما إذا كانت مخاوف الطفل شديدة إلى حد الرعب فإنه ينبغي استشارة طبيب نفساني مختص بشؤون الأطفال.
إعداد: نورة مسلم