تعتبر الحدائق من العناصر الأساسية في حياة الشعوب لما لها من فوائد متعددة منها الجمالي والثقافي والصحي والترفيهي والإقتصادي. وعلم تنسيق وتصميم الحدائق وزراعتها من العلوم المتطورة والتي لها صلة وثيقة بحياة الشعوب منذ العصور الأولى وقد إرتبط هذا العلم بعادات وتقاليد وحضارات الشعوب . ويعتمد تنسيق الحدائق على أسس عملية متعددة لتحقيق الغرض من التنسيق.
وهذه الأسس هى :
( الإنسان – مقياس الرسم – الهدف أو الغرض من التصميم – محور التصميم – إحتياجات الإنسان – البساطة )
وفيما يلي سنتناول بالتفصيل هذه الأسس لتوضيحها ليتم أخذها فى الإعتبار عند التخطيط لإنشاء حديقة:
أولاً: الإنسان:
الهدف الأساسي من إنشاء الحدائق هو راحة ومتعة الإنسان بالإضافة إلى الفوائد الجمالية الأخرى، أى أن الحديقة لها وظيفتان هما :
غرض وظيفي وغرض جمالي والشخص المستفيد من الحديقة هو الإنسان سواء كان رجلاً أو إمرأة أو طفلاً.
لذلك يؤخذ الإنسان كأساس لتحديد أبعاد وإرتفاعات المنشآت الهندسية بالحديقة مثل : الطرقات – الممرات – المداخل – أماكن الجلوس – أماكن لعب الأطفال – الملاعب الرياضية – الأسوار النباتية وكذلك كأساس لإختيار نباتات الحديقة. فعند تصميم الطرق والممرات تحدد على أساس حركة الإنسان داخل الحديقة. ففي حالة عمل طريق أو ممر لكي يستخدمه شخص واحد يصمم عرض الطريق بحيث لا يزيد عن 70سم وفى حالة الممرات التى يسير عليها شخصين بجوار بعضهما يكون عرض الطريق لا يقل عن 120سم أما بالنسبة لطريق يخصص لسير السيارة فإن عرض الطريق لا يقل عن 3 أمتار . وبالنسبة لإرتفاع المداخل والبوابات لا يقل عن إرتفاع 225سم . وبالنسبة لأماكن الجلوس فإن إرتفاع المقعد عن سطح الأرض يتراوح بين 40 – 45 سم وإرتفاع الظهر ( المسند ) 30 – 35 سم وذلك لراحة الإنسان . وبالنسبة للأسوار النباتية فيراعى خط النظر للإنسان الواقف حيث يحدد إرتفاع السور لكي يوفر الحرية للشخص الجالس لذا يجب ألا يقل إرتفاع السور عن 180سم . وبالنسبة لزراعة الأشجار الخيمية للظل يراعى أن يبدأ تفرعها على بعد 150سم من سطح الأرض وإختيار العمودية أو المخروطية للتجميل . ونباتات الأسوار التى تسمح بتقسيم الحديقة يجب أن تكون على إرتفاع 150سم أى مستوى صدر الإنسان والأسوار النباتية التي تستخدم لتحديد خط السير وحركة المرور للسيارات داخل الحديقة تكون بإرتفاع وسط الإنسان وهو 100سم . أما الأسوار النباتية التي تحدد حركة سير الإنسان فيجب أن تكون على إرتفاع 50سم .
ويجب أن تعمل الحديقة على تنشيط الحواس الخمسة للإنسان وهى :
- حاسة النظر: عن طريق زراعة الألوان المختلفة والأشكال والأحجام المختلفة.
- حاسة السمع: عن طريق زراعة أشجار إبرية الأوراق فى إتجاه هبوب الرياح وكذلك عمل الشلالات وتربية بعض العصافير أو الطيور.
- حاسة الشم: عن طريق زراعة النباتات التى لها رائحة عطرية فى هبوب الرياح.
- حاسة اللمس: وذلك عن طريق زراعة نباتات متباينة فى الملمس حيث الأوراق الإبرية والوبرية والجلدية والخشبية الملمس.
- حاسة التذوق: عن طريق زراعة بعض أنواع من الفاكهة والخضروات خصوصاً فى الحديقة المنزلية.
ثانياً : مقياس الرسم:
يعرف مقياس الرسم بأنه هو النسبة بين طول وعرض أبعاد الحديقة إلى وحدة متفق عليها وهو المتر. ويحدد مقياس الرسم أبعاد الحديقة الخارجية والمداخل والأسوار والطرقات وأماكن الجلوس وأحواض الزهور وزراعة النباتات ويتوقف مقياس الرسم الذى يتبع على حسب مساحةالحديقة. وعن طريق مقياس الرسم يمكن معرفة عدد النباتات اللازمة وكمية التربة اللازم إضافتها وكذلك مساحة الطرق وحساب تكاليف.
ثالثاً: الهدف أو الغرض من التصميم:
لكل عمل فنى فكرة معينة تظهر هذه الفكرة فى التصميم الناجح من حيث توظيف عناصر التصميم لراحة الإنسان وخدمته مع إستغلال كل شبر من أرض الحديقة إستغلالاً إقتصادياً.
لذلك يجب على المصمم مراعاة الآتي عند تحديد الهدف من الحديقة:
- الغرض من التصميم هو خدمة الإنسان وتحقيق جميع رغباته وإحتياجاته بالرغم من الإختلاف الكبير في العادات والتقاليد والسلوكيات والأعمار. ويراعى في الحدائق المنزلية هذه الرغبات التي قد تتغير بتغير أعمار أفراد العائلة أو بزيادة أعدادهم لذلك يراعى أن يكون التصميم مرناً وقابلاً للتطوير أو الإستبدال.
- يراعى عند التصميم الناجح الأخذ في الإعتبار الثوابت الموجودة بالمكان مثل شكل قطعة الأرض – المباني – المداخل – لون الأسوار وخلافه.
- يراعى عند وضع التصميم الميزانية الخاصة بالإنشاء وكذلك الميزانية الخاصة بالصيانة.
رابعاً : محور التصميم:
هو الخط الذى يصل بين نقطتين أو أكثر. وهو يمتد من نقطة مركزية كمنتصف الحديقة أو مدخل المنزل إلى نهاية الحديقة. وقد يكون للحديقة أكثر من محور. فالمحور الذى يمر عند مدخل الحديقة أو مدخل المنزل يعتبر محوراً أساسياً. وقد تكون هناك محاور فرعية موازية أو متعامدة على المحور الرئيسي وتعرف بالمحاور الثانوية أو الفرعية.
ويستعمل المحور في الآتي :
- طريق للمرور
- حوض مائي
- حوض زهور
- شريط من المسطح الأخضر
- شارع فى المدينة
خامساً : إحتياجات الإنسان :
يحتاج الإنسان أن توفر له الحديقة الإحتياجات الآتية :
- الوقاية SheIter: يقطن الإنسان بالمنزل لغرض المعيشة فيه ووقايته من العواصف والحرارة والبرودة المناخية بصفة عامة. لذلك فإن الحديقة يجب أيضاً أن توفر له الوقاية من هذه المؤثرات. وهى تختلف عن المنزل في أن الحديقة ليس لها سقف.
- الحماية Protection: وهى الحماية من المخاطر مثل الحرائق والفيضانات والحيوانات أي حماية الإنسان من أي خطر قد يحدث له.
- المنفعة Utility: وهى الإستفادة من كل شبر من أرض الحديقة ( الجلوس ، اللعب ، ممارسة الهوايات ، التمتع ، الخدمات وجميع إحتياجات الإنسان ).
- المتعة Amenity : الحديقة يجب أن توفر المتعة عن طريق مشاهدة مناظر جميلة وممارسة هوايات معينة والراحة النفسية.
- الخصوصية Priveey: حيث يطلب الإنسان الشعور بالخصوصية والأمان في الجلوس مع أفراد أسرته أو السير في الحديقة.
سادساً : البساطة :
من أهم أسس تصميم الحديقة هو البساطة في التصميم ويحدث ذلك كالآتي:
- إستعمال الخطوط البسيطة.
- أشكال خالية من التعقيدات.
- وظائف بسيطة للعناصر النباتية.
- التكرار البسيط للوحدات النباتية.
- إستعمال نوع واحد من النباتات أو إستعمال مجموعة من النباتات المختلفة ولكن بنفس طبيعة النمو فى المكان الواحد.
- إستعمال نباتات بنفس اللون من خلال أنواع مختلفة.
ويراعى البساطة في التصميم وإستخدام الخطوط الهندسية البسيطة مثل الشكل المربع والمستطيل والمثلث والدائري والبعد بقدر المستطاع عن الخطوط المقعدة والتي يصعب تنفيذها أو يصعب صيانتها.
المصدر:
- مجلة جادنز العدد الثاني - يونيو / يوليو 2008
- أ . د أبو دهب محمد دهب