يتوقف صلاح المجتمع على صلاح أطفاله. لذا حدد الإعلان العالمي لحقوق الطفل الأهداف الأساسية للتعليم، والتي منها: إعطاء الطفل كل الفرص للعب والترفيه الذي يجب أن يتوجه إلى غايات تربوية، فالأطفال أداة التقدم الحضاري في المستقبل، فهم شباب الغد ورجال المستقبل، وسلامة قوام الطفل تُعتبر من المقومات الأساسية والمؤثرة على كفاءة الطفل البدنية والميكانيكية والوظيفية والنفسية، ولهذا فإن المجتمع العربي في حاجة إلى ضرورة العناية بقوام أطفاله في المراحل السنية المختلفة، وكل جهد أو مال يُنفق في سبيل ذلك سوف يرتد إلى الأمة أضعافًا مضاعفة. فسلامة قوام الطفل وخلوه من العيوب القوامية تُعتبر مطلبًا ضروريًا في المرحلة المقبلة من أجل طفل عربي متكامل النمو يتميز بجسم مقبول وقوام مثالي، حيث أكدت الدراسات أن الإنسان البالغ يستمر في الحركة بالطريقة التي اعتادها في طفولته، ومن ثم فإن مرحلة الطفولة من الأهمية بحيث يجب الاهتمام بها في تطوير المبادئ الحركية الأساسية، التي تنفع الفرد، وتفيده في شق طريقه في الحياة بقوة ونجاح.
لذا يجب الاهتمام بالطفل منذ ولادته وخلال مراحل نموه، ومن أجل ذلك يجب أن تعمل جميع المؤسسات والهيئات التربوية الخاصة والحكومية على تربية الطفل تربية قوامية صحيحة، والتي تتمثل في سلوكه الحركي والمهاري؛ لضمان إعداد طفل عربي يتمتع بلياقة قوامية أفضل وتنشئة قوامية صحيحة من الميلاد وحتى مراحل النمو المختلفة.
المقصود بالتربية القوامية للطفل هو:
سلامة قوام الطفل والعناية به (وقاية وعلاجًا) خلال مراحل تنشئته المختلفة، وإكساب الطفل السلوك القوامي والعادات القوامية الصحيحة من أجل قوام معتدل.
والقوام أمر فردي، فهو يختلف من فرد إلى آخر كبصمات الأصابع التي تختلف من فرد إلى الآخر، فلا يوجد قوام موحد يمشي على نمطه الجميع، وإنما هناك مجموعة من الاعتبارات العلمية والاختبارات القوامية نستطيع من خلالها الحكم على القوام المعتدل للفرد.
والقوام ليس هو الذي يظل قائمًا معتدلاً لدقائق، ولكنه هو الموجود في كل أوضاع الجسم المختلفة في جمع الأعمال والأنشطة التي يقوم بها الفرد في حياته اليومية.
القوام المثالي للطفل يعني:
أن تكون أجزاء جسمه مركبه في بناء دقيق يتكون بعضها فوق بعض باتزان وراحة في وضعها الطبيعي بأقل جهد مع قدرة الطفل على أداء المهارات الحركية اليومية بصورة صحيحة دون ظهور عيوب قوامية في أوضاع الثبات أو الحركة.
حيث كان في الماضي الاهتمام بالقوام الثابت كما في الجلوس فقط، ولم يكن هناك أي اهتمام بالقوام في حالة الحركة، وقد ثبت خطأ ذلك بصرف النظر عما إذا كان الشخص في حالة جري أو راكبًا سيارة أو جالسًا لمشاهدة مباراة، فإن ميكانيكية الجسم وكيفية حركته يجب أن تكون في الاعتبار الأول.
ولقد بذلك كثير من الباحثين محاولات كثيرة لتقييم القوام الصحيح، واعتمدت هذه المحاولات على فكرة أن لكل جزء من أجزاء الجسم المختلفة مركز ثقل خاصًا به، وعندما تقع هذه المراكز فوق بعضها تمامًا فإن قوى الجاذبية التي تعمل على الجسم لا بد أن تتزن، وفي حالة الاتزان هذه يمر خط الجاذبية بالنقاط التالية:
- حلمة الأذن.
- منتصف الكتف.
- مفصل الحوض.
- خلف الركبة مباشرة.
- رسغ القدم أمام الكعب الخارجي 0.59 سم.
وهذا ما يوضحه الشكل التالي:
وللقوام الجيد تأثيره على الناحية الجمالية والنفسية والصحية للطفل، وذلك كالتالي:
أولاً: الناحية الجمالية:
القوام الجيد يعطي الإحساس بالجمال ويعطي الفرد مظهرًا لائقًا، فيصبح ناجحًا اجتماعيًا، كما يساعده في أداء حركاته بطريقة منسقة فيها توافق بين أجزاء الجسم المختلفة في حين الشخص ذو القوام المشوه تنقصه هذه النواحي.
ثانيًا: الناحية النفسية:
إن سلوك الفرد وطريقة تحركه يعطيان صورة الفرد وشخصيته، ولذلك فإن سلوك الفرد واتجاهاته نحو نفسه وإدراكه السليم لشكل الجسم وكذلك اتصالاته واتجاهاته نحو الحياة تعكس مدى ما يتمتع به من شخصية قوية. ومن هنا نجد أن الفرد ذا القوام الجيد غالبًا ما يتمتع بشخصية محبوبة وقوية، بينما الفرد ذو القوام المشوه قد يشعر بالاكتئاب والانطواء على نفسه، ومن ثم يتحاشى الظهور في المجتمع، ويتجنب الاشتراك في الأنشطة، خاصة تلك التي تتطلب خلع أكبر جزء من الملابس (كالسباحة مثلاً).
ثالثًا: الناحية الصحية:
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يعرفه إلا المرضى.. فالصحة نعمة كبرى يطمح إليها الإنسان في كل مكان وزمان وفي أي مرحلة سنية من الطفولة حتى الكهولة؛ ليتوج بها نفسه. وهي لا توجد إلا في جسم صحي وقوام معتدل. وتعتمد الصحة إلى حد كبير على التغذية من حيث كمياتها وأنواعها ونسب تناولها، تبعًا لمراحل السن المختلفة وأدوار النمو ونوع العمل والجنس، ومن ثم لا يمكن أن نغفل مدى أهمية الصحة، فهي تساعد أجهزة الجسم الحيوية على أداء وظائفها بصورة أفضل. وهذا ما أشارت إليه نتائج كثيرة من البحوث التي أجريت في هذا المجال.
المشية الصحيحة للأطفال:
إن المشية الصحيحة المتزنة من أهم صفات الجمال والصحة، وإذا لم يتعود عليها الفرد منذ طفولته، فقد أكد الخبراء في هذا المجال أن البالغين يستمرون في المشية بالطريقة التي يعتادونها في طفولتهم، ولذلك يجب ملاحظة الأطفال وتوجيههم؛ لضمان التزامهم بالمشية الصحية.
والمشية الصحية لها شروط وهي:
- أن تكون قامة الطفل كما في الوقفة المعتدلة، وأن يكون الذراع حرًا ويمتد بسهولة، ويكون باطن اليد متجهًا لجانب الفخذ ولا يبالغ الطفل في هز الذراعين.
- يجب أن تكون علامتا القدمين على الأرض متوازيتين إلى حد ما.
- يجب ألا تتقاطع علامتا القدمين.
- في أثناء المشي تكاد الركبتان أن تكونا ممتدتين، إلا أن ركبة الرجل المتحركة تُثَنى قليلاً؛ ليسمح للقدم المتحركة بالمرور بجانب القدم الثابتة دون جرها على الأرض.
- توضع القدم على الأرض مع انثناء قليل حتى إن عقب القدم يكاد يلمس الأرض.
- تزداد رشاقة الطفل في المشي إذا وُضعت أو لامست أصابع القدم أولاً الأرض ثم يعقبها الكعب.
أخطاء المشي لدى الأطفال:
وحتى لا تصبح أخطاء المشي لدى الأطفال عادة يصعب الإقلاع عنها عند الكبر يجب تعرُّف هذه الأخطاء والتي منها:
- المشي مع فتح القدمين واتجاه الأصابع للخارج.
- رمي ثقل الجسم على الأقدام.
- مرجحة الأذرع بطريقة خاطئة مثل مرجحة أحد الذراعين أكثر من الآخر.
- مرجحة الذراعين ودورانهما بحيث يكون ظهر اليد مواجهًا للأمام.
- عدم فرد الجسم والنظر للأسفل.
- بروز الذقن للأمام.
- عدم قبض عضلات البطن.
- - عدم ملائمة توقفت الخطوة، فتصبح المشية ركيكة ومتخبطة.
- وضع ثقل الجسم على الحافة الداخلية أو الخارجية للقدم.
أخطاء الأكتاف ومنها:
دوران الأكتاف للأمام – ضغط الأكتاف للخلف – ارتفاع إحدى الكتفين عن الأخرى – رفع الكتفين إلى أعلى وسقوط الرقبة بينهما.
أخطاء البطن ومنها:
- عدم قبض البطن للداخل أو تراخيها وسقوطها للأمام.
- الصدر مفتوح مع حرية التنفس والرأس مرتفع والنظر للأمام والذقن للداخل.
- الجسم عمودي مع الميل قليلاً للأمام.
- قبض عضلات البطن للداخل.
الأخطاء الشائعة في الوقوف عند الأطفال:
هناك بعض الأخطاء الشائعة بين الأطفال في الوقوف في مختلف المراحل السنية والتي تؤدي بدورها إلى وجود كير من حالات التشوه والانحراف في قوام هؤلاء الأطفال، ومن ثم يجب ملاحظة الأطفال وتوجيههم في كل الأحوال أثناء الوقوف والجلوس وكذلك أثناء اللعب. وهذه الأخطاء هي:
أولاً: أخطاء القدمين ومنها:
رمي ثقل الجسم على قدم واحدة أو وقوع ثقل الجسم على حرف القدم الخارجي – دوران القدمين للداخل – دوران القدمين للخارج.
ثانيًا: أخطاء الركبتين ومنها:
دوران الركبتين للداخل أو للخارج – ارتخاء الركبتين – شد الركبتين للخلف بقوة، مما يؤثر على الساقين.
ثالثًا: أخطاء الحوض ومنها:
دفع الحوض للخلف – دفع الحوض للأمام – دوران الحوض – ميل الحوض إلى أحد الجانبين.
نأمل أن تهتم كل أم وأب بالتربية القوامية لطفلهما؛ ضمنًا لقوام سليم، وهو ما يعني قوامًا صحيحًا متوازنًا.
المصدر:
- مجلة خطوة العدد 17 - سبتمبر 2002
- د. عطا حسن عبد الرحيم - مدرس الإعلام الرياضي – كلية التربية الرياضية – جامعة قناة السويس – مصر