1- الاضطرابات النفسية:

يقصد بها اضطراب توازن الشخصية الذي يبدو في صورة أعراض جسمية ونفسية مختلفة منها القلق والمخاوف الشاذة والتردد والتلعثم وفقدان الثقة بالنفس والتبول اللاإرادي.. الخ.

ولا يقتصر الاضطراب النفسي على الأطفال فحسب، بل على الكبار أيضًا. ولكن وقعة وآثاره على الطفل أشد وأقسى. فالطفل ليست لديه القدرة على التفكير في معالجة أزماته، ولا يقوى على تأجيل إرضاء دوافعه، كما أن انفعالاته تتسم بالمبالغة وسرعة التقلب، لذا أضحى كل ما يقدر عليه هو مجابهة أزماته النفسية في كبت الدافع المعوق أو الخبرة المؤلمة، وهو بهذا يحوَّل الأزمة من مستوى الشعور إلى مستوى اللاشعور. وبهذا تخزن الآلام في العقل الباطن؛ لتتحول إلى قوى تحاول أن تنفَّس عن نفسها في أعراض قلق مستمر أو توتر متواصل، أو أي تعبير آخر من تعابير الاضطراب النفسي.

فالحالة النفسية للطفل مرهونة بالمناخ النفسي للأسرة ونوع التعامل بين الأب والأم من جهة، وبينهما وبين الطفل من جهة أخرى.

وهناك عوامل لها دور كبير في اضطراب شخصية الطفل، منها:

  •  سوء توجيه الطفل، وقلة خبرة الوالدين: قد تكون العلاقة بين الوالدين طبيعية، إلا أن افتقارها إلى الدراية العملية بأصول التربية والتعامل مع الطفل قد يسيء إلى شخصيته، ويضعفه، ويجعله يعاني الاضطراب النفسي ومن أشكال سوء التوجيه.
  •  الإفراط في توجيه الطفل ومحاسبته عل كل صغيرة وكبيرة والتدخل في حياته.
  •  توخي الكمال، ومطالبة الطفل بإنجازات أعلى من درجة مهاراته وقدراته العقلية.
  •  الخضوع المستمر لرغبات الطفل الذي يظن الوالدان أنه دليل المحبة، وتعويد الطفل على تلبية رغباتهن وجعله يتمادى في طلباته.
  •  الاهتمام الزائد بجسم الطفل ووظائفه وأمراضه؛ مما يجعل الطفل كثير الشكوى المرضية.
  •  تحمل الطفل مسئوليات فوق طاقاته وإرهاقه بمسئوليات تسبب له إحساسًا بالكراهية والعداء؛ بسبب عدم قدرته على إشباع رغبته في اللعب مع أطفال ينتمون إلى ذات عمره.
  •  الإهمال الشديد من قبل الوالدين بالطفل، وانشغالهم بالوظائف والأعمال؛ مما يجعله غير سعيد ويميل إلى الانزواء، وحب الوحدة دائمًا.

 لذا فإن التغلب على الاضطراب النفسي يكون من خلال التصرفات الموضوعية وغير المتطرفة، بحيث يستطيع الطفل العيش باطمئنان، من خلال الاحترام المتبادل، وتعرُّف حاجات الطفل، وتلبيتها بشكل معقول.

2- الحرمان:

ويقصد به حالة عدم إشباع الحاجة أو الرغبة، سواء كانت تلك الحاجة جسمية أو عقلية أم عاطفية، ويترتب على عدم تحقيق الحاجة إضرار بشخصية الطفل ومستقبل حياته كفرد في المجتمع.

إن أسباب الحرمان من إشباع الحاجات الجسمية قد تكون اقتصادية، كالفقر وعدم قدرة الأسرة على تهيئة الغذاء الجيد للطفل، أو قد تكون أسبابًا ثقافية، أي جهل الأسرة بنوعية الغذاء الذي يفيد في بناء جسم الطفل. أم الحرمان الفعلي فيتمثل في حرمان الطفل من إشباع حاجاته إلى الخبرة والكشف عن المحيط، ويكون سببه جهل الوالدين أو شح الخبرات في البيئة التي يعيش فيها الطفل، وبالنسبة إلى الحرمان العاطفي فيتمثل في عدم إشباع حاجاته من عاطفة الحب؛ لأن الأطفال بحاجة إلى أن يشعروا أن هناك من يمنحهم العطف.

الأسرة المفككة (سوء العلاقة بين الوالدين):
ويقصد بالأسرة المفككة تلك التي تعيش علاقات سلبية يسودها الشقاق والشجار اللذين قد يؤديان إلى افتراق الأبوين، ومن ثم يؤثران عن نفسية الطفل، ويجعلانه مضطربًا وقد تنهار القيم عند الطفل؛ فتجعله متمردًا على النظام والمجتمع. غير أن التمرد ينسحب على النفس (فيؤذي نفسه).

3- الخوف:

الشعور بالخوف ضرورة من ضرورات الحياة؛ لتجنب المخاطر. كما أنه انفعال أساسي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمحافظة على البقاء، ويعتمد علماء النفس أن الإنسان يحمل استعدادًا وراثيًا عامًا للخوف. ولكن بعد الولادة، ومن خلال الاحتكاك بالبيئة الاجتماعية، يبدأ الطفل بتعلم أشكال متعددة من الخوف، كالخوف من الغرباء أو الوحدة أو الظلام أو الحيوانات أو الأصوات العالية أو مشاهدة الشجار، والاعتداء على الكبار، أو الأذى... الخ، وتصاحب هذه الأشكال أنواع من الأعراض، مثل التبول اللاإرادي، أو الأحلام المزعجة، أو قضم الأظافر.. وقد يتخذ الطفل وسائل دفاعية للتخلص من الخوف، منها:

  •  التهرب: هناك هرب خيالي، ويكون حلاً عمليًا لحل مشكلة من المشاكل التي يعاني منها الطفل، ويعيش عالمًا خاصًا به منعزلاً عن الآخرين.
  •  الاعتداء: يدفع الخوف كثيرًا من الأطفال إلى أن يعتدوا. فالطفل الخائف قد يعتدي؛ ليبرهن لنفسه أنه يستطيع أن يفعل شيئًا. أما من يسيء معاملته، ينظر إليه كعدو، ويقوم بضربه.

لذا فإن كل مجهود يبذله الآباء والأمهات لإعطاء الأطفال معلومات جديدة في فهم الحياة التي تحيط بهم يخلق لديهم القدرة على المواجهة والحذر والتبصر بعواقب الأمور. وبهذا تصبح للخوف فوائد إيجابية.

كيف تستطيع الأم حماية الطفل من المخاوف؟

  • أولاً: ينبغي عليه حماية الطفل الصغير من الألعاب العنيفة والضوضاء، أو الانزعاج المفاجئ، فإذا ما ساعدته على فهم الحياة المحيطة وإشباع حب الاستطلاع لديه، فإنه يمكنه فهم الحياة، ومن ثم مجابهة الخوف.
  • ثانيًا: تستطيع أن تجعل الطفل يتخلص من الخوف، بأن تقدم له الشيء أو الحالة التي يخاف منها مصحوبة بباعث من السرور. فإن كان الطفل يخاف الظلام مثلاً، فعلى الأم مشاركة طفلها في الدخول إلى المكان المظلم؛ للحصول على قطعة حلوى أو لعبة يفضلها؛ لتجعل من الظلام حالة طبيعية بالنسبة إلى الطفل، ولا يوجد ما يخيفه منه.
  • ثالثًا: استخدم الأسلوب المتدرج، تحدَّى مصدر الخوف بدلاً من الأسلوب المفاجئ الذي يعتمد على سرد القصص عن حيوانات يخاف منها، وعرض صور مختلفة للحيوانات، ثم مشاهد الحيوان نفسه، إن كان يخاف الحيوان مثلاً؛ مما يجعله يعيش باطمئنان وأمان بعيدًا عن مصدر الخوف.

 

4- الغيرة عند الأطفال:

الغيرة حالة انفعالية تتصف بالأسى الممزوج بالغضب؛ بسبب شعور الطفل بفقدان المركز العاطفي الذي يتمتع به، كحلول طفل محله، أو بسبب حرمانه من شيء يمتلكه غيره، ويتمنى لو كان عنده، وهي حالة طبيعية يمر بها جميع الأطفال، لكنها تصبح خطيرة لو خلف آثارًا سلبية في نفس الطفل الغيور، وتؤثر على سلوكه. وتنشأ الغيرة عند الأطفال لأسباب عدة، منها ولادة طفل جديدة في العائلة قد يستولي على مكانة الطفل الأكبر الذي يجد نفسه – حيال ذلك – في حرمان مما كان ينعم به وحده، وتنشأ مشاعر الغيرة عنده، فتتبدل أنماط سلوكه، وتظهر عليه ملامح الشعور بالقلق والتعاسة. وقد يتصرف تصرف الرضيع الصغار، فيعود – أحيانًا – إلى التبول في فراشه، أو يتكلم كلام الصغار.. الخ من التصرفات التي تثير انتباه الوالدين. والسبب الآخر الذي يثير الغيرة عند الأطفال هو امتلاك غيره من الأطفال لعبًا أو ما شابه ذلك من أشياء لا يمتلكها هو نفسه؛ فيتولد عنده انفعال الغيرة، ويدفع الطفل إلى الحقد، وتظهر عليه مظاهر عدوانية. ومما يثير الغيرة عند الأطفال أيضًا امتداح طفل آخر أمامه وتفضيله عليه. وقد يشعر الطفل بعقدة النقص وعدم الثقة؛ لأن الثناء والمدح لغيره، ولا سيما المغالى فيهما، وقد يخلقان الغيرة عند الطفل.

طرق الأطفال في التعبير عن غيرتهم:
هناك صور متنوعة للغيرة عند الطفل قد تتخذ صورة واحدة، أو قد تؤلف بين عدد منها. ومن هذه الصور – لا شك – العداء الشديد الظاهر، وكرهه أي طفل أصابته الغيرة منه؛ فيحاول ضربه أو كسر حاجياته أو أخذ لعب الطفل الذي يغار منه. وهناك صورة أخرى، وهي العداء المستتر (الباطن) كأنْ يحطم ممتلكات الطفل الآخر في السر، أو يرتدي رداء التعنت والمقاومة والرفض بشكل عام؛ فتصبح له شخصية سلبية يصعب التعامل معها. والصورة الأخرى هي النكوص، وتتجلى في رغبة الطفل في العودة إلى أوضاع مبكرة من حياته، واتخاذ سلوك طفل أصغر من عمره، والسبب لأنه يعاني من الغيرة، فقد يفاجئ الطفل والديه بعدم قدرته على المشي بعد أن كان يمشي ويركض، أو عدم قدرته على الكلام، ويقلد الصغار في طريقة التحدث.

كيف نجابه الغيرة عند الأطفال؟

يتعين علينا – إذن – أن ندرس الأسباب الآنفة الذكر، ونتفحصها. ونحاول التغلب عليها؛ لمساعدة الطفل على مواجهتها بشكل هادئ ومريح، منها التهيئة النفسية التي تساعد الطفل على التغلب على الصعوبات، من خلال تهيئته لقبول مولود جديد سيشاركه في حياته البيتية قبل مدة لا بأس بها من حلوله في العائلة، فتتحدث عنه وعن أخباره بمناسبة اقتراب ولادته. أما الطريقة الأخرى، فهي تجنب التفضيل بين الأطفال. فعند ظهور أفضلية قوية من أحد الوالدين لأحد الأطفال في العائلة، فإن ذلك يسبب الخطر على الطفل المفضل وغير المفضل؛ لأن الأول يشعر بالاتكالية وعدم الشعور بالمسئولية، والثاني يشعر بعدم عدالة أبويه وافتقاره الحب؛ فتظهر عليه علامات الانزعاج وعدم الاستقرار، ويكون سلوكه عدائيًا. والعلاج هو المساواة وتوزيع الحب على جميع الأطفال. والطريقة الثالثة هي إشباع حاجة التملك قدر الإمكان؛ لأن حاجة التملك عند الطفل واسعة، ويصعب إحاطته بحدود، وأن كثيرًا من الأشياء التي يمتلكها الطفل قد تكون تافهة، ونستطيع أن نجنب الطفل انفعال الغيرة بسبب التملك؛ وذلك بتشجيعه على مشاركة الأطفال الآخرين في لعبه ولعبهم، وعدم إظهار الإعجاب الشديد بالألعاب التي يلعب بها؛ لكي لا تكون محببة جدًا لديه وضرورية، وعدم تحذيره بالحرص على عدم اللعب بها، خوفًا من الكسر أو الضياع، وجعل الطفل متمتعًا بلعبه من خلال تشجيعه عندما يعرض لنا ما صنعه هو ومع الأطفال الآخرين، وعدم زجره وتوبيخه، أو معاقبته على أبسط الأشياء.

المصدر:

مجلة خطوة العدد 12 - يوليو 2001

بقلم:
أ. إلهام سلمان - مدربة مدربين ومديرة المركز التدريبي للكوادر
العاملة في دور الحضانة – بغداد – العراق

  • Currently 273/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
92 تصويتات / 2519 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,311,448

تعالَ إلى بيوتنا على فيسبوك