إن حجرة الحضانة أو الروضة التي تستثير أعلى مستوى من التعبير الخلاق عند الأطفال, هي التي تزودهم بشتى المثرات والحوافز والفرص التي يختارون من بينها ما يناسبهم. فالمناشط التي تؤدي بطفل ما إلي التعبير عن تفكيره الإبداعي, ليست هي ذاتها التي تكون دافعا لغيره في نفس الاتجاه.
إن بيئة التعليم التي تبعث علي التعبير الذاتي والتعلم الخلاق علي مدى واسع, تنطوي دائما علي أربعة ألوان علي الأقل من الأنشطة الاستقلالية:
( 1 ) البحث :
فالأنشطة التي تتطلب البحث عن المعلومات, وعن استجلاء المعاني, وتوسيع أفق المفاهيم, وفتح آفاق جديدة للادراك, هي من المناشط التي تثير الكثير من الأطفال, لأنها تؤدي بالطفل إلي امتداد ميوله, وإلي استعماله قدرا متزايدا من المهارات المطلوبة في مجالات القراءة والكتابة.
( ب ) التنظيم :
وقد يستثار أطفال آخرون بدرجة أكبر عن طريق الأنشطة التي تدور حول تنظيم المواد والأفكار في تسلسل ما, مثل تنظيم أشياء بالتصنيف. إن مثل هذا اللون من النشاط الاستقلالي له جاذبية واسعة المدى, لأنه ملموس جداً, وهو في نفس الوقت يهيئ المران في عوامل مهمة من عوامل تنمية الشخصية الابتكارية, مثل القدرة على إعادة تنظيم الأفكار, وجمع البيانات من المصادر المنوعة, وتعود الثبات في عرض الأفكار.
( جـ) الابتكار:
كذلك فإن الأطفال الذين يتميزون بالحساسية للقوى البيئية المختلفة التي تؤثر في تفكيرهم, يحتاجون إلى مناشط تمكنهم من إنشاء طرق جديدة للنظر إلى الأشياء, وتمكنهم من استطلاع وسائل مستحدثة للتعبير عن أفكارهم, واستخدام مواد جديدة تشبع رغبتهم في الاستطلاع .
وكلما نظر الأطفال إلى الأشياء الحقيقية المحيطة بهم نظرة جديدة, وسمحوا لخيالهم أن يحلق بهم في أجواء من التصورات, زاد فهمهم لأنفسهم على اعتبار أن لهم شخصيات فريدة, واستجابوا للإنتاج الخلاق لغيرهم من الأفراد من الموسيقى وروائع اللوحات, وتعاظمت قدرتهم على استحداث طرق للتعبير عن أنفسهم لم يستخدموها من قبل على الإطلاق.
إن معاونة الأطفال على الوصول إلى هذه النتائج , في جو من الفهم والتقدير, هو حق لكل طفل.
(د) عملية الاتصال:
ولا يمكن أن تتم معظم الأنشطة الاستقلالية , بدون الحديث والمناقشة حول ما يتم عمله, أو حول الاستعمالات الممكنة لنتائج النشاط, أو حول الأفكار الرئيسية التي تكمن وراء العمل, أو حول الفكر الرئيسي الذي يستخلص منه.
وهذا يقتضي إعداد الوقت والمكان اللازمين, على الدوام, كي يعبر الأطفال عن أنفسهم تعبيرا استقلاليا حراً, وليعملوا ويلعبوا بطرق إبداعية , تتحقق فيها الحرية, وعدم الخوف من الخطأ , والتشجيع على ارتياد الجديد والمجهول, مع تجنب السخرية والإحباط والنقد المستمر.
إعداد:
- أ . يعقوب الشاروني - أستاذ زائر "أدب الأطفال" بقسم الدراسات العليا - بكلية رياض الأطفال بالإسكندرية - والمشرف على باب الطفل بصحيفة الأهرام ومجلة نصف الدنيا - والرئيس السابق للمركز القومي لثقافة الطفل.