دراسة تحليلية لأحد المواقع التربوية على الإنترنت
أ / منى عبد الفتاح يونس
رئيس القسم الاجتماعي بموقع ( Islam –Online. Net )
1-موضوع البحث :
الإنترنت – تلك الوسيلة التكنولوجية الحديثة – لا يجادل أحد في حيويتها وفاعليتها في العديد من المجالات، وكانت أبرز تلك المجالات مجال " البحوث العلمية " حيث أتاح الإنترنت – كما لم تتح وسيلة من قبل – مد الباحثين بثروة طائلة من المعلومات والبيانات من ناحية، ومن ناحية أخرى يسرت على الباحثين التعامل مع العديد من أدوات البحث كالإحصاءات والاستبيانات، واستطلاعات الرأي .
يهدف البحث الذي بين أيدينا إلى الاستفادة من وسيلة الإنترنت في الاقتراب بصورة علمية ومدروسة من مشكلات الأطفال العرب، لم يكن من الممكن القيام بمثل هذا البحث الموسع، ليشمل أطفال العرب من بداية الولادة وحتى سن الخامسة عشر المتواجدين بداخل العالم العربي أو خارجة في أوروبا وأمريكا وبلاد الشرق الأقصى ممكنا قبل اختراع الإنترنت، أما الآن مع سرعة انتشار هذا الاختراع في العالم بصفة عامة، وبين أهلنا المتكلمين العربية بصفة خاصة أصبح ذلك ممكنا وميسورا، ولا سيما بعد الاهتمام بالمجال التربوي على العديد من المواقع العربية، من أبرز تلك المواقع موقع " إسلام أون لاين نت " الذي يقدم من بين العديد من الصفحات الخدمية والتحريرية التي تعني بشتى مجالات الحياة، صفحة خاصة لخدمة " الاستشارات التربوية " تتلقى الصفحة استفسارات واستشارات الأهل حول العديد من مشكلات الأبناء، أكانت مشكلات نفسية، تربوية صحية، تعليمية، أو تخص التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يقوم بالرد على هذه الاستفسارات عدد من المتخصصين في المجالات التربوية، النفسية والتعليمية المختلفة، وتنشر هذه الإجابات على الشبكة، لتعم الفائدة على كافة زوار الصفحة بالرغم من كونها صفحة وخدمة حديثة حيث تم بثها في يوم 3 – 1 – 2001م، إلا أنها نشرت حتى نهاية شهر سبتمبر 250 سؤالا، تعد هذه الخدمة فريدة في مضمونها وأسلوبها على مستوى المواقع العربية على شبكة الإنترنت، ولذا فإن هذا البحث – والذي استفاد من المادة المنشورة والمرسلة إلى الموقع في عملية الإحصاء الكمي والكيفي يعتبر من البحوث السباقة في هذا المجال .
2-تساؤلات البحث :
يحاول البحث من خلال " قراءة " البيانات المرسلة لـ " مائتي استشارة " الإجابة على سؤالين محددين :
- ما هي أبرز المشكلات التي يعاني منها الأطفال العرب ؟
- ما هي الأسباب والعوامل وراء هذه المشكلات ؟
3 – عينة البحث :
البحث هو عبارة عن قراءة متأنية لأول مائتي استشارة واردة إلى صفحة " الاستشارات التربوية " بموقع " إسلام أون لاين نت " تشمل الاستشارات المائتين الأولى استفسارات تخص أطفالا من سن الولادة إلى سن الولادة إلى سن الخامسة عر، أما تصنيف المشكلات فيضم المشكلات النفسية، التعليمية، التربوية الصحية، ومشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة .
بالنسبة للموقع الجغرافي فهو يضم كافة الدول العربية، بالإضافة إلى مشكلات أطفال العرب في الغرب، وتشمل الغربة 3 فئات : أطفال تركوا بلادهم الأصلية وسافروا مع أهليهم إلى الغرب ( أوروبا وأمريكا )، أو إلى بلاد الشرق الأقصى ( كالصين وإندونيسيا )، أو سافروا من بلد عربي إلى بلد عربي آخر .
ثم الاستفادة من البيانات التي يرسلها الأهل إلى الموقع مرفقة باستشارتهم، حيث يعرض الأهل بيانات : تعليم الوالدين وعملهم، وطبيعة العلاقة الأسرية ( مستقرة، مضطربة، أو منفصلين )، هذا بالإضافة إلى ترتيب الابن أو الابنة صاحب المشكلة، أو ترتيبه بين أخوته، وبالطبع سنه، وجنسه، إنها عينة عشوائية بمعنى الكلمة .
4 – أداة البحث :
أ – تحليل مضمون الاستشارات الواردة : أأو
تم تحليل الاستشارات الواردة بعد تصنيفها إلى فئات عمريه :
الطفل الرضيع، الطفولة المبكرة، الطفولة المتوسطة، الطفولة المتأخرة والمراهقة، فجاءت الإحصاءات لتظهر بالنسب المئوية أبرز المشكلات في كل تصنيف : فجاءت مشكلات صعوبات انفصال الطفل عن أمه ونومه مستقلا مشكلات الطفل الرضيع مثلا، كما جاءت مشكلة الحفاظ على اللغة، وكيفية مساعدة الصغار على حفظ القرآن الكريم على رأس المشكلات التي يعاني منها الأهل لأطفال مرحلة الطفولة المبكرة في الغربة .
ب – تحليل البيانات المرفقة مع الاستشارة :
كان تحليل البيانات العديدة التي يرسلها مرفقة مع الاستشارة هي المفتاح الذي به أمكن فك لغز الأسباب وراء ظهور تلك المشاكل، فلم يكن – كما كان متوقعا – عمل الأم هو من ضمن عوامل ظهور تلك المشكلات، حيث كانت الشكاوي ترد بنسبة أعلى من ربات البيوت، كما لم يمثل عمل الأب عاملا مؤثرا على ساعات تواجده مع الأبناء حيث ثم التوصل إلى أن معدل تواجد الحرفي مع أبنائه لا يختلف كثيرا من عدد ساعات تواجد الدبلوماسي، أستاذ الجامعة، والموظف ... الخ .
لا يمكن الادعاء بصورة جازمة بصحة تلك النتائج، إذ إنها في النهاية تعتمد على صدق المرسل، وهو أمر يصعب بل يستحيل التأكيد منه، ولذا لا بد من اعتبار كل النتائج والإحصاءات تقريبية، واعتبار البحث ككل مجرد مقدمة لبحث أشمل وأعمق، فما أحوجنا إلى مثل هذا المجهود الآن .
5 – نظرة تفصيلية لعينة البحث :
لم يكن هناك اختلاف كبير - في الاستشارات المائتين الأولى – من حيث جنس الأطفال أصحاب المشكلات، حيث فاقت الإناث ( 53% ) البنين ( 47% ) بست نسب مئوية فقط أما من حيث أعمار هؤلاء الأطفال – الذين أرسل أهليهم بمشاكلهم – فقد تم تصنيفها إلى فئات عمرية : فئة الطفولة المبكرة 31% تليها فئتي الطفولة المتوسطة التي جاءت نسبة الأسئلة التي تخص هذه الفئة 20% وفئة المراهقين ( 20% )، أما الطفولة المتأخرة فجاءت مع الرضع كل منهم 15% .
الفارق الأبرز كان من حيث نوعية الاستشارات الواردة، بينما مثلت الاضطرابات النفسية 16%، والمشكلات التعليمية 14% تليها في المرتبة المشكلات الصحية التي لم تزد عن 6% ومشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة 4% من مجمل المائتي استشارة .
أما من ناحية الموقع الجغرافي لهذه العينة فقد ظهر جليا أن الأهل المستقرين في بلادهم ولم يستقروا بأولادهم في بلد آخر هم الأكثر سؤالا عن كيفية معالجة مشكلات أبنائهم، حيث بلغ عدد الأسئلة الواردة من قبل هؤلاء 142 استشارة، في حين جاءت 29 استشارة من أسرة عربية استقرت في بلاد الخليج، أما هؤلاء الذين تركوا ديارهم واستقروا في الغرب، أوروبا، أمريكا، أو أستراليا، فقد ورد منهم 10 أسئلة، يلي ذلك الأسر التي تركت ديارها وسافرت إلى دول عربية أخرى، كالأسر الفلسطينية التي استقر بها الحال في الأردن أو اللبنانيين الذين استقروا في سوريا ( 7 أسر )، وأما عدد الأسئلة الواردة من قبل المستقرين في الصين، إندونسيا وأوزيكستان، فلم يتعد الأربعة أسئلة . أما المقارنة بين تعليم الم وتعليم الأب جاء كالتالي :
عدد الآباء المتعلمين تعليما عال كان 160، في مقابل 146 أما جامعية، أما بالنسبة للتعليم المتوسط فقد فاقت الأمهات الآباء ( 42 ) في مقابل ( 26 ) أبا، ولكن اللافت للنظر هو ثبات عدد الآباء ذوي التعليم دون المتوسط وغير المتعلمين، فقد مثلت كل فئة 8 حالات، وهكذا كان هناك ثبات واضح بالنسبة للأمهات فقد مثلن 6 حالات . اللافت للنظر فعلا كانت النسبة الكبيرة للأمهات غير العاملات، أي ربات البيوت؛ إذ مثلن 69% . بينما مثلت المدرسات والعاملات في قطاع التعليم 15% تليها نسبة الموظفات 9% المهندسات وأغلبهن مبرمجات أو متعاملات مع الحاسب الآلي 3%، أما الطبيبات كانت نسبتهن 2%، تماما مثل الطالبات في الجامعة ( أغلبهن في السنة النهائية ) 2% .
أما الآباء فالنسبة الأعم منهم مهندسون ( 61 من مجموع 200 )، ويلي ذلك الموظفون ( 53 موظفا ) يليهم رجال الأعمال والعاملين في المجال الحر ( 22 )، ثم أساتذة الجامعة، والباحثون والأكاديمون ( 12 ) منهم أرسلوا لنا بمشاكل تخص أولادهم، تلي ذلك الأطباء ( 9 )، أما الباقون فكانوا يمثلون المدرسين، المتقاعدين، والعاملين في الشرطة والجيش ( كل فئة من هذه الفئات الثلاث أرسل لنا بـ 18 استشارة )، وجاءت 7 استشارات من ذوي الأعمال الحرفية تماما مثل " العاطلين عن العمل " ( 7 استشارات ) .
وكان أقل الاستشارات ترد من الدبلوماسيين وطلبة الجامعة . لكل العوامل السابقة تأثيرها المباشر وغير المباشر على علاقة الزوجين بعضهما البعض، ومن ثم علاقة الطفل بوالديه، جاءت العينة المنتقاة 88% منها لا تعاني اضطرابات أسرية، والعلاقة بين الزوجين الزوجين، و 4% منهم منفصلين . وهكذا كانت نتيجة مكان تواجد الطفل 4% وهي نسبة ( الوالدين المنفصلين ) وهي نفس النسبة تواجد الطفل مع أمه، أما الأسر المضطربة فمن الواضح أنهم نصفها ( 4% ) آثرت تواجد الطفل مع الجدين أو مع الأب أو في حالة واحد بمفرده، أما نسبة تواجد الطفل بين كنف والديه فكانت 93% .
أما بالنسبة للموقع الجغرافي للعينة المختارة فقد كانت كالتالي :
50% من الخليج، 18 % من مصر، 11% من دول الشام، 8% من دور أوروبا و6% من دول شمال أفريقيا، يلي ذلك في المرتبة دول شمال أمريكا : الولايات المتحدة وكندا التي مثلت 8% مجتمعين، ثم في نهاية القائمة جاءت أستراليا ( 1% ) ودول الشرق الأقصى ( 1% ) .
6 – قراءة في المشكلات الواردة :
أولا : مشكلات الطفل الرضيع :
جاءت نسبة مشكلات الأطفال الرضع 15% من بين المشاكل الواردة .
أبرز مشكلات الطفل الرضيع :
تبدأ هذه المرحلة من بعد الميلاد مباشرة وحتى الفطام وهي فترة تمتد غالبا لمدة سنتين .
كانت أبرز تلك المشكلات مشكلة الرضيع : أين ينام ؟ ما هي أمثل الطرق لفصله عن سرير الأم ؟ ومتى يؤثر ذلك على نفسيته ؟ جاء ( 5 أسئلة لهذا الموضوع من مجموع 25 )
تلي ذلك من حيث الكم أسئلة صحية تؤرق الأهل ويطلبن المشورة والنصح كالاستفسار عن أعراض البله المغولي أو كيفية تدعيم ذي السنتين نفسيا قبل إجراء عملية جراحية ( 4 أسئلة ) . جاءت في المرتبة مشكلة التعامل مع بوادر " العند " الأولى عند الطفل الرضيع .
وجاءت مشكلة فطام الرضيع والمرور بسلام من تلك الفترة العصبية في المرتبة الرابعة ( سؤالان ) . كما جاء سؤالان عن مداعبة وملاطفة الصغير وعن الألعاب التي تنمي الذكاء .
جاءت باقي المشكلات في موضوعات متفرقة كالتعامل وإدارة " الأزمة " في حالة وجود توأمين، مشكلة " الخجل "، ولكن اللافت للنظر عدد من الحقائق المثيرة التي قد تساعد في تفسير ظهور تلك المشكلات .
أبرز العوامل وراء مشكلات الطفل الرضيع :
كان هناك عدد من البيانات الملفتة للانتباه :
1 – كافة الآباء لهؤلاء الرضع تعليمهم عال .
2 – كافة تلك الأسر مستقرة ولا تعاني من اضطرابات .
3 – الطفل الرضيع يعيش في كنف والديه بدون استثناء .
أما العوامل التي يمكن أن تكون قد لعبت في هذه المشكلات :
1 – بالرغم من أن 40% من تلك الأمهات الراسلات لمشكلاتهن مع أطفالهن الرضع مستقرات في موطنهم الأصلي، فإن نسبة 60% النسبة الأكبر منهن ينتمين إلى تلك الأسر التي هاجرت بلادها إلى الخليج أو إلى الغرب، والغريب أنه لا يوجد أسرة واحدة تعاني من مشكلتها مع رضيعها من منطقة شمال أفريقيا أو أستراليا، وتفسير هذه الظاهرة هو أن الأمهات الحديثات " يفتقدن إلى ال الضرورية خبرة ففي الحالات العادية – حالات الاستقرار في الموطن الأصلي تقوم الجدة بهذه المهمة، فتقضي بالمشورة والنصح، ولكنه في حالة تلك الأمهات اللائي أرسلن بمشاكلهن لم يجدن من يستشرنه فيما يرينه " مشكلة " وكانت في أغلبها أمور عادية تحتاج إلى خبرة، فالأسئلة جاءت لتبرز بوضوح الارتباك والاضطراب السائد في بيوتهن بسبب ذلك الضيف الجديد .
2 – متوسط ساعات تواجد الأم مع صغيرها هو 3/4 21 ساعة، وهو معدل مرتفع وتفسيره هو كون أغلب الأمهات في هذه السن قد تركن أعمالهن وتفرغن للزائر الجديد، فقد كان من بين الـ 25 سائلة 18 منهن ربات بيوت، واحدة 3 مدرسات، موظفة واحدة ومهندسة واحدة، وواحدة ما زالت تدرس في الجامعة . البقاء الطويل مع الرضيع يجعل الأم أكثر تفاعلا مع ما يمر به الرضيع ولكن ليس بالضرورة أكثر وعيا لكيفية التعامل الصحيح مع تلك المستجدات .
3 – أما الأب فجاء أغلبهم مهندسين : 13 مهندسا من بين 25، يلي ذلك الموظفون ( 8 )، طبيب واحد، مدرس واحد، واحد السائلين كان عاطلا، ملء خانة بيانات وظيفة الأب بلفظ لا يعمل الآن . ولذا جاء متوسط تواجد الأب مع رضيعه 10 ساعات يوميا، بمعنى لو طرحنا ساعات النوم أن الأب يقضي ساعتين فقط مع الصغير، وهي فترة غير كافية للتفاعل مع الأم وتدعيمها نفسيا .
ثانيا مشكلات الطفولة المبكرة :
وهي المرحلة العمرية من سنتين إلى ست سنوات، وقد ورد عن هذه المرحلة 46 سؤالا من مجموع الأسئلة المائتين، جاء أغلب تلك الأسئلة عن سن الرابعة والخامسة، وكان أقلها عن سن الثانية والنصف : 28 سؤالا جاء في المجال التربوي، 4 أسئلة في المجال الصحي، 4 في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، و6 أسئلة عن الاضطرابات النفسية، و4 أسئلة تعليمية . أي : 60% مشكلات تربوية، 13% نفسية، 8% صحي ونفس النسبة لذوي الاحتياجات الخاصة وللتعليمي .
أبرز مشكلات الطفولة المبكرة :
كان من الصعب تتبع اتجاه معين للمشكلات، ولكن يمكن اعتبار أن الهاجس الأول للأهل في هذه المرحلة هو بناء الهوية والضمير، فجاءت أسئلة الحفاظ على الهوية في الغربة في التركيز الأكبر على تعليم العربية وحفظ القرآن في بلاد المهجر هي السمة الأغلب في هذه المرحلة، كما جاءت مشكلة التعامل مع التلفاز سمة تلك الأسئلة المعبرة عن رغبة الأهل في بناء الضمير .
المجموعة الثانية من الأسئلة كانت في مجملها تساءل عن مشكلة العند وكيفية التعامل مع الطفل العنيد .. وأظهرت الأسئلة قلة الخبرة في التعامل والميل المفرط إلى تمني " المثالية "، ويرجع ذلك إلى كون ذلك الطفل في أغلب الأحوال الطفل الأول، حيث يتسم الأهل في هذه المرحلة بالبعد عن الواقعية والبعد عن تفهم طبيعة المرحلة ومتطلباتها. وهذا واضح في كثرة اعتراف الآباء بميلهم إلى سرعة استخدام أسلوب الضرب . جاءت في المرتبة الثالثة المشاكل النفسية كالمخاوف، عدم الثقة، بالنفس وعرض، " قضم الأظافر " ومص الشفاه، والغيرة من أخيه / أخته الوافد الجديد .
أما مشاكل التخاطب والتوحيد فيمكن اعتبارها " كما " في المرتبة الرابعة، وهي في مجملها استفسارات وطلب للمشورة، وكيفية التعامل مع الطفل التوحدي أو صاحب مشكلة تخاطب، ومن أين يبدأ الأهل مشوار العلاج .
أبرز العوامل وراء مشكلات الطفولة المبكرة :
يمكن تفهم أسباب ظهور تلك المشكلات من قراءة بيانات الأهل المرفقة مع استمارة الاستشارة، وقد جاء تحليلها بالنتائج التالية :
( 1 ) 28 حالة من مجموعة 46 حالة ( أي 60% )، الأهل مستقرين في موطنهم الأصلي، 12 ( أي 26% ) حالة تركت موطنها لتستقر في الخليج، 6 حالات ( أي 15% ) استقرت في بلاد أوروبا وأمريكا، أي أن مجموع الأسر التاركة لوطنها والمقيمة بعيدا عن الأهل 18 حالة، وهي نسبة تعد عالية . فهنا يمكن تفسير علو نسبة الأسئلة الواردة عن حفظ الهوية وتعليم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم، كما أن هذه النسبة تفسر مثالية الأهل وتعاملهم مع الطفل بعدم واقعية، فليس أمامهم نموذج مقرب " كنموذج أولاد العم أو الخال " يمدهم بالخبرة الكافية .
( 2 ) جاءت نسبة ربات البيوت هي الأعلى بين الفئات الوظيفية، فكان هناك 28 أما لا يمارسن أي مهنة ( 28% ) . أما المهنة الأعلى عددا فكانت في مجال التدريس ( 8 ) أي بنسبة 16%، ثم الموظفات ( 5) ونسبتهم 10%، ثم المهندسات ( 8 ) ونسبتهم 16% أما مهنة الطب والمهن الأكاديمية فكانت واحدة في كل فئة . هذا يعني أن 16 من مجموعة 46 أما ( المهندسة، الموظفة، والمدرسة ) يقعن تحت ضغوط " العمل وهذه النسبة 34% نسبة تعتبر عالية، وهذا يفسر عدم الصبر والعصبية في مواجهة مشكلة العند .
( 3 ) أما متوسط عدد ساعات تواجد الأم مع طفلها ذي الأربع سنوات فكان 16 ساعة يوميا، يعني 8 ساعات بعد طرح ساعات النوم، وهي عدد ساعات لا بأس بها .
( 4 )( 19 ) أبا يعمل ، 13 أبا يعمل في مهنة الهندسة ( جلهم في مجال الحاسب الآلي )، موظفا، ( 2 ) في مهنة عسكرية، 2 طبيب، 2 رجل أعمال، 2 دبلوماسي، 2 متقاعد، 1 لا يعمل . زيادة نسبة الموظفين – وإذا وضعنا في الاعتبار أن أغلبهم في دول الخليج يفسر بصورة واضحة المتوسط المتدني لساعات تواجد الأب مع صغيره، في المنزل فقد جاء المتوسط 7.9 إلى 8 ساعات تقريبا، هذا يعني أن هناك عددا لا بأس به من الآباء لا يقضون سوى دقائق مع أولادهم، هذا يفسر أسباب سرعة ميل الآباء للضرب والصراخ والعصبية وعدم تحملهم لمشاكل كالعند والغيرة، وبالتالي يسببون بطريقة واضحة في ظهور مشاكل نفسية كقضم الأظافر ومص الشفاه التي هي في الأصل تعبير عن اضطراب نفسي في العلاقة مع أحد الوالدين .
( 5 ) 16 حالة من بين 46 كانت للإناث ( 34% ) أي أن النسبة الأكبر هي للذكور ( 66% )، ومشكلة العند وهي الأعلى في حالة الذكور بصفة عامة مفسرة لعلو نسبة الأسئلة التي ترد عن العند، وجاءت مشاكل الإناث في أغلبها مشاكل نفسية كمخاوف وعدم الثقة بالنفس أو المشاكل الصحية .
ثالثا : مشكلات الطفولة المتوسطة :
وهي المرحلة العمرية التي تبدأ من سن السادسة وتنتهي في التاسعة، أغلب الأسئلة الواردة كانت في نهاية هذه المرحلة، فجاءت 80% من الأسئلة عن سن التاسعة و20% عن سن السادسة والسابعة .
أبرز مشكلات الطفولة المتوسطة :
جاءت المشكلات في مجملها اضطرابات نفسية وعدم القدرة على مواجهة الحياة بالأسلوب الصحيح، السمة الرئيسية هنا هي المشكلات النفسية، وإن تعددت المظاهر : كفقدان القدرة على التعبير، أحلام اليقظة، التقوقع، المشاكل الدراسية كفقدان القدرة على التركيز .
الاضطرابات السلوكية كإفشاء الأسرار، السرقة، سوء معاملة الأقارب، الرغبة في السيطرة وقيادة الإخوة الأصغر سنا، وهذا كله مفسر ومفهوم لأن ابن هذه المرحلة هو ابن البيئة والأسرة، بالإضافة إلى البيئة المدرسية، فيجمح ابن هذه المرحلة إلى تقليد زملائه في سلوكيات جديدة لم يكن قد تربى عليها؛ فيذهل الأهل ويتساءلون عن الأسباب .
هذا بالإضافة إلى بداية الأسئلة " الحرجة " وتساؤلات حول الميول الجنسية، في هذه السن كيف يمكن فهمها .
ثم يلي ذلك عدم قدرة الأهل على تنمية إبداع الصغار بالرغم من إدراكهم التام لإبداعاتهم واتجاهاتهم الفنية فيتساءلون عن أمثل الطرق لتنمية ذلك الإبداع، وهذا مفسر لأن في سن السابعة تبدأ المواهب والقدرات في الظهور، ولم يكن ذلك ممكنا في المراحل السنية السابقة .
أبرز العوامل وراء مشكلات الطفولة المتوسطة :
جاءت هنا نسبة الأمهات ذوات التعليم المتوسط ودون المتوسط أعلى من الفئات العمرية السابقة، فهناك 13 حالة من تلك حالات أي ما يزيد على 39% من أمهات أطفال هذه المرحلة لم يصلن إلى التعليم العالي هذا يفسر عدم الوعي بأمور أساسية كالميول الجنسية لأطفال السن الصغيرة – حقيقة أم وهم – كيفية التعامل مع الأسئلة الجنسية أو كيفية للتعامل مع إبداع الصغار .
كما جاء عند ساعات تواجد الام مع صغيرها 3/4 11، وهو معدل متدن لو وضعناه في الاعتبار حاجة الصغير إلى المساعدة في تخطيه أولى خطوات المدرسة، وهذا قد يفسر ظهور المشكلات السلوكية التي بحاجة إلى متابعة ورعاية كمشكلة الكذب والسرقة، وهي المشكلات التي تنجم عادة من حاجة الصغير إلى لفت الانتباه أو نقص في الرعاية والحنان .
أما المشكلات التي تنجم عن حالات الاضطراب الأسري فكلها مبررة إذا أدركنا أن هناك 7 حالات اضطراب وانفصال من مجموع 33 حالة، وحالة لأب متوفى، بالإضافة إلى 3 حالات لا ينعم فيها الصغير بحضن والديه، بل يقيم مع أحد الطرفين دون الآخر، فيكون مجموع الأطفال تحت ظروف مضطربة 33% .
تعليم الأب جاء في مجمله عال، وإن كان هناك 5 حالات لتعليم متوسط دون المتوسط، ولكن اللافت للنظر أن عدد الموظفين كان 10 ( 30% ) أعلى من عدد المهندسين ( 9 ) [ أعلى مهنة لزوار الصفحة ]، يلي ذلك طائفة المدرسين ( 12% ) 4، ثم طائفة العسكريين 2، والعدد المتبقي يتوزع بالتساوي بين رجال الأعمال وأصحاب المهن والحرف .
جاء متوسط ساعات الأب مع أولاده بالبيت 7 ساعات، وهو متوسط متدن جدا، يزيد مع زيادة نسبة الموظفين، وهذا يفسر تفشي الاضطرابات السلوكية التي هي بحاجة لمتابعة كالسرقة والكذب .
رابعا : مشكلات الطفولة المتاخرة :
وهي الفئة العسرية التي تمتد من سن التاسعة إلى الثانية عشر وتسبق المراهقة، عدد المشكلات المتعلقة بالطفولة المتأخرة 23 سؤالا، 95% من هذه الأسئلة تخص سن الثانية عشر، 4% سن العاشرة، و1% الحادية عشر . توزعت المشاكل بين 9 تربوي، 6 نفسي، 5 تعليمي، 3 صحي وذوي احتياجات خاصة، من الواضح زيادة نسبة المشاكل التعليمية .
أبرز مشكلات الطفولة المتأخرة :
تنوعت المشكلات وتعددت، ولكن كان أبرزها تلك المشاكل المتعلقة بالتفوق الدراسي من ناحية، ومعالجة مشاكل الإهمال وتضييع الوقت من ناحية أخرى .
1 – مشاكل بدايات المراهقة : التمرد، الاضطراب وعدم الثبات، القلق، الإحباط بدايات العلاقات مع الجنس الآخر هي الطائفة الثانية من المشكلات .
2 – بعض المشاكل النفسية كالانعزالية، الخجل، الانطواء، الوسواس القهري .
أ-برز العوامل وراء مشكلات الطفولة المتأخرة :
1 - جاءت نسبة الأهل المستقرين في بلادهم أعلى نسبة، فلم يزد من بين الـ 23 استشارة سوى 6 حالات لأسر استقرت في الخليج أو الغرب، وحالتين لأسر استقرت في دولة عربية أخرى، ولكن اللافت للنظر أن السائلين جاءت نسبتهم الأعلى 12 حالة من دول الخليج، ثم تلا ذلك 5 من مصر، 3 من شمال أفريقيا والنسبة الباقية من دول أوروبية . هذا يفسر طبيعة المشكلات المتعلقة ببدايات المراهقة، حيث يقل الوعي بطبيعة المرحلة، وضرورة الميل نحو أسلوب " اللين والرفق " مع أولاد / بنات هذه السن .
2 – المذهل حقا هي تلك النسبة العالية للأمهات ذوات التعليم المتوسط ودونه، حيث ورد من بين 23 استشارة 13 استشارات لهذه الفئة، وبالتالي كانت نسبة العاملات 4%، والباقيات ربات بيوت، لعل هذا يرجع لطبيعة دول الخليج، ولكنه في النهاية مفسر جيد لنقص الوعي في أسلوب التعامل مع مشاكل كرسائل الحب، نفسية طفل الثانية عشر، رغبته في التمرد . يأتي ذلك في وقت يسأل فيه الآباء والأمهات عن كيفية " فرض الصلاة " على أولادهم، كيفية إعادة صغارهم إلى حظيرة الطاعة وحسن السمع .
3 – أما الأمر الأكثر غرابة هو قضاء تلك الأمهات وأغلبهن ربات بيوت 12 ساعة فقط مع الأولاد في البيت، هذا يعني عدم تفرغهن، قد يكون في أعمال تطوعية أو خدمية، ولكن متوسط الساعات هذا ( حتى فرضا أنهن كن يطرحن ساعات النوم 8 ساعات من 24 ساعة لكان عدد الساعات 16 ساعة وليس 12 ) يحتاج إلى النهاية إلى تفسير . وهذا المتوسط في حد ذاته مفسرا للمشاكل التعليمية التي تحتاج إلى متابعة وصبر وهدوء .
4 – جاءت عدد مشاكل الذكور أعلى من الإناث ( 15 في مقابل 8 )، أي ما يقرب من الضعف، وهذا أيضا مفسرا لتفاقم مشاكل التمرد والإحباط والاضطراب النفسي التي تنتاب المراهق، بخاصة في دول الخليج .
5 – تواجد الأب مع أولاد لا يتعدى 7 ساعات هو متوسط أيضا قد يكون مفسرا للمشاكل التعليمية التي لا تجد من يعطيها وقتا وجهدا من ناحية – والمشاكل التي تمتاز بها بداية المراهقة .
6 – وظائف الأب ( 9 مهندسين، 5 موظفين، 3 رجال أعمال، 2 متقاعدين، وأستاذ واحد في الجامعة )، أما التعليم فكانت نسبته الأعلى للتعليم العالي، 27 حالة : عال و6 حالات فقط للمتوسط ودونه، وهذا يفسر لماذا جاءت أغلب الأسئلة على لسان الأب وليس الأم، حيث مثلت 75% من عدد الحالات، وهي نسبة تتوافق مع نسبة التعليم في هذه الشريحة، وكان الأب – الذي وصل إلى الجامعة – هو أكثر دراية بمشاكل أولاده ورغبة في حلها أو يكون أكثر تعرضا للإنترنت ومقبلا على خدماته .
خامسا : مشكلات مرحلة المراهقة :
وهي الفترة الممتدة بعد الثانية عشر إلى الخامسة عشر، حيث لا تنظر هذه الصفحة إلى الفئة العمرية التي تتعدى الخامسة عشر . عدد المشكلات الواردة في هذه المرحلة 28 سؤالا .
أبرز مشكلات مرحلة المراهقة :
1 – مشاكل التمرد على الأهل ومحاولات إثبات الذات، وإن جاءت في صور متعددة، كان أبرزها الجنوح نحو التدخين، وعدم تقبل أسلوب الوالدين في التعامل، وإبراز الرفض، والتوقف عن مسيرة التفوق الدراسي، التمرد وقيادة الشلة في المدرسة، الهروب إلى خارج الأسرة .
2 – مشاكل نابعة من بداية الدخول في طور التعامل الجديد مع الجنس الآخر والأمور الجنسية بصفة عامة، فظهرت توجسات الأهل من أمر " الصداقة "، أسئلة الأمهات عن خجل البنات من الدورة الشهرية، واضطراب الأولاد من رؤية المعاصي كالزنا، وذهولهم وعدم درايتهم الكافية بأمثل السبل للتعامل مع الواقع المحيط .
- المشاكل الدراسية والإخفاقات الدراسية النابغة عن تغيرات المرحلة أو محاولات فرض الآباء الأساليب القديمة التقليدية على الأبناء .
أبرز العوامل وراء مشكلات المراهقة :
1 – جاءت نسبة من تركوا ديارهم ورحلوا إلي أوطان جديدة نسبة عالية 40% من مجمل الحالات، 20% من هذه الحالات آثرن الاستقرار في الغرب أو دول الشرق، تاركين البيئة العربية وحضن الأسرة " الكبيرة " وهو ما يزيد من حدة المشاكل، فمواجهة مشاكل المراهقة في الدول العربية يكون لأيسر لوجود البيئة الدينية من ناحية، ودعم الأسرة ( الخال / العم ) من ناحية ثانية، بالرغم من عدم معرفتنا لتاريخ استقرار الأهل في الدول التي ارتحلوا إليها، إلا أن سفرهم بأولاد في هذه المرحلة يزيد أيضا من حدة المشاكل لتعرض المراهق فجأة لعادات وأسلوب حياة مختلف يكون التأقلم عليه صعب .
2 – 14 حالة كانت لإناث، ونفس هذه النسبة كانت للذكور، وهو ما يعني أن الأهل يجدن مشاكل على كلا الطرفين بنفس النسبة .
3 – 11 حالة لأمهات ذوي تعليم متوسط أو دون المتوسط هذا يعني 28 وهي نسبة لا ترقى إلى النصف، بيد أن نسبة العاملات جاءت 50% لربات البيوت، فكان التدريس هو في المرتبة الأولى، ولم ينازعها أي وظيفة سوى " الموظفة " وإن كان على استحياء ( 4 حالات ) . نسبة المدرسات العالية كانت مفسرة منذ البداية، لأن نسبة الأسئلة الواردة عن حالات تمرد المراهقين المراهقات في الفصل وبداخل المدرسة، جاءت من قبل مدرسات، وليس أولياء الأمور، في حين اهتم أولياء الأمور بمشاكل كالتدخين، وفقدان الشهية للمذاكرة المنزلية، وحالة التمرد في العلاقة مع الوالدين .
وقد يكون نسبة 50% للأمهات العاملات سببا في أن معظم الأسئلة جاءت توجسية – من جراء ما يسمعنه من الزميلات – فجاءت الأسئلة من قبيل : تسمع عن مشاكل العلاقة بين الجنسين، أو جنوح الأولاد إلى السجائر، أو بدايات الإخفاق الدراسي في هذه المرحلة ...، فيبدأن بالسؤال كوقاية أو إعداد نفس لما هن مقبلات عليه .
4 – عدم وصول عدد لا بأس به من الأمهات إلى مستوى التعليم الجامعي جعلهن يتوجسن من أي إخفاق دراسي، حتى لا يتحطم أمل وصول " الأبن / الأبنة " لمستوى التعليم الجامعي، هذا واضح في الإصرار المستميت للأهل للحيلولة دون أي إخفاق أو تدني للمستوى .
5 – جاءت هذه الطائفة من المشكلات، مشكلات المراهقة – حيث تتنوع وظائف الأب بصورة غير مسبوقة، فهناك بالتساوي : مهندسين حرفيين، رجال أعمال، دبلوماسيين، موظفين، مدرسين، ولكن اللافت للنظر هو أن متوسط تواجد الأب مع أولاد جاءت 4 ساعات و40 دقيقة . متوسط في غاية التدني، حيث أقر أساتذة الجامعة أنهم لا يقضون وقتا إطلاقا مع أولادهم، وهكذا من لا يعمل والمتقاعد، أما أعلى عدد ساعات يقضيه أب مع أولاده كان " الدبلوماسي والطبيب، أما المهندسون فمتوسط تواجدهم بالبيت 4 ساعات، أمور كلها مفسرة لعدم احتواء المشاكل وتفاقمها، فجاءت بالتالي كافة الإجابات تحث على الاحتواء، واستيعاب المراهق، وقضاء وقت أطول معه في فتح الحوارات والمناقشات .
6 – زاد من تفاقم المشكلات كونها نابعة في نسبة 10% من أسر منفصلة أو مضطربة، وفي نسبة 20% من مراهقين لا يعيشون في كنف آبائهم، ولكن موزعين عن الجد أو الجدة أو عند أحد طرفي المعادلة ( الأب أو الأم ) .